معنى التاجر الصدوق.. موضوع خطبة الجمعة اليوم| نص الخطبة
حددت وزارة الأوقاف عنوان: معنى التاجر الصدوق ومنزلته.. ولماذا هو مع النبيين والصديقين، موضوعًا لخطبة الجمعة اليوم في المساجد، وجاء نص الخطبة وفقًا الأوقاف كالتالي:
النص الكامل لخطبة الجمعة
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ، وأشهد أن لا إلهَ إِلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا مُحَمَّدًا عَبْدُه ورسوله، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّم وبارك عليهِ، وعلى آله وصحبهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ
بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن الصدق صفة المتقين، وطريق الفائزين، حيث يقول الحق سبحانه: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}، وهو جماع كل خير، وأصل كل فضيلة، يقول سبحانه: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ}.
وللصدق مجالات متعددة في القول والعمل من أهمها الصدق في البيع والشراء وسائر المعاملات المالية، فالتاجر الصدوق هو الذي يتحلى بالصدق والسماحة ومكارم الأخلاق وحسن المعاملة بيعًا وشراءً، لا يغش ولا يخدع ولا يستغل ولا يخون، ولا يحتكر، يرجو من ربه سبحانه خيري الدنيا والآخرة، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم) رَحِمَ اللهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى)، ويقول صلى الله عليه وسلم): (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ - أو بمن تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ؟ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنِ سَهْلِ).
والتاجر الصدوق أمين في بيعه وشرائه وسائر معاملاته، وقد مر نبينا صلى الله عليه وسلم) عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ ؟! قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ
يَرَاهُ النَّاسُ! مَنْ غَشَ فَلَيْسَ مِنِّي). ومن صفات التاجر الصدوق الوطنية الصادقة، فالتاجر الوطني الحكيم ينطلق في معاملاته من التزام ديني وشعور إنساني؛ لذلك فهو يبتعد عن كل صور الجشع والغش والاحتكار والاستغلال، حيث يقول الحق سبحانه: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (المُحْتَكِرُ ملعون)، ويقول صلى الله عليه وسلم): (مَنْ غَشَ فَلَيْسَ مِنّا، ويقول عليه الصلاة والسلام): (مَن دخل في شيء من أسعار المسلمين لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِم فَإِنَّ حَقًّا عَلَى اللهِ تبارك وتعالى أن يُقْعِدَهُ بِعِظَمِ مِنَ النَّارِ يومَ القيامةِ)، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم): (اليَمِينُ الكاذبةُ مُنفَقَةٌ للسلعة، ممحقة للبركة)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ كَسَبَ مَالًا حَرَامًا فَأَعتَقَ مِنْهُ، وَوَصَلَ رَحِمَهُ؛ كَانَ ذَلِكَ إِصْرًا عليه)، ويقول (عليه الصلاة والسلام): (إِنَّ التَّجَارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّارًا،
إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَبَرَّ وَبَر وَصَدَق).
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا
محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وعلى آله وصحبه أجمعين.
لا شك أن منزلة التاجر الصدوق عند الله تعالى عظيمة، ويكفيه في ذلك حديث
نبينا صلى الله عليه وسلم): (التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ)، ذلك لأن من يقدم الآخرة على العاجلة، ولا يحتكر ولا يغش، ويراعي أحوال الناس، حق له أن يكون مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، ذلك أن معالجة النفس ومجاهدتها بالحرص على الصدق والأمانة وإيثار ما يبقى على ما يفنى ليس بالأمر اليسير الذي يطيقه كل إنسان في جميع أوقاته وتصرفاته، لذا كان إيثار التاجر للمكسب الأقل مع الصدق والأمانة على أية مكاسب أخرى تأتي بشبهة أو مال حرام، وحرصه على تحري الحلال يرقى به إلى صحبة
النبيين والصديقين والشهداء. إن اتباع التاجر الصادق لنبيه صلى الله عليه وسلم) وتأسيه به يجعله أهلا لمرضاة ربه بالبركة في ماله ورزقه وشموله برحمته ورضوانه يوم القيامة، لقد تاجر نبينا صلى الله عليه وسلم) مع عمه أبي طالب؛ ومع أم المؤمنين خديجة (رضي الله عنها)، فكان (صلى الله عليه وسلم) خير مثال للتاجر الصدوق الأمين، حيث وصفه السائب بن أبي السائب (رضي الله عنه) بقوله: كُنتَ شريكي في الجاهلية، فكنت خير شريك؛ لا
تداريني، ولا تماريني - أي: لم يكن (صلى الله عليه وسلم) يخفي عيبًا في سلعة، ولا يجادل بالباطل".