السبت 01 يونيو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الحج بالتقسيط!

الجمعة 17/مايو/2024 - 10:38 م

بمجرد انتهاء شهر رمضان وحلول شوال من كل عام، نكون بذلك دخلنا موسم الحج، تصديقا لقوله تعالى - الحج أشهر معلومات، وقد اتفق علماء الأمة أن أشهر الحج هي شوال وذو القعدة وذو الحجة، ففي الماضي كان المسلمون الأوائل يقطعون مسافة السفر إلى البيت الحرام في أيام كثيرة؛ إذ كانت وسيلتهم في السفر غالبا الجمال والسير على الأقدام للوصول  إلى البيت الحرام والاستعداد لأداء الفريضة، أما في عصرنا الحالي، فالوضع يختلف تماما، فالذي كان يقطعه الحاج في أيام للسفر في الماضي، يقطعه الآن في دقائق.

ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار تكلفة أداء فريضة الحج، ظهر بين المسلمين ما يسمى الحج بالتقسيط!

وكنت ذات مرة مستقلا سيارة أجرة جالسا بجوار السائق، فسألني سؤال ظنا منه للحية التي تكسو وجهي أني صاحب علم شرعي، وهذا ظن معظم أهل مصر، بل العالم الإسلامي بالملتحي، وهذا الظن ليس صحيحا على إطلاقه، وكان سؤاله ما رأيك يا شيخ في الحج بالتقسيط وعقّب على سؤاله بقوله أنا أزهري وخريج إحدى كليات الأزهر، ويبدو أنه يريد التأكيد على علمه الشرعي، حيث ذكر لي واقعة، وهي أن أحد بلدياته يريد الحج وحاله لا يسمح له بذلك، مستطردا في حديثه: وعلى الرغم من أن بلدياته فقير إلا أنه يريد الحج بالتقسيط، منكرا ذلك ومتسائلا ماذا يفعل لو مات قبل أن يُسدد ما عليه من أقساط - دين؟!

* فبادرته بالقول كأنك تسأل وتجيب

- قال نعم

فقلت له أن الأحكام في مثل هذه المسائل لا تُأخذ بالفهلوة أو بالعقل المتجرد من الدليل الساطع المدقق من الشرع الحنيف، ولا بالهوى والرغبة الشخصية، وهنا ذهبت به إلى منحى آخر، لكي ندخل به إلى رؤية فقهية لواقع نعيشه أصبحت فيه كل حياتنا محكومة بالتقسيط، حتى وصل الأمر إلى العبادات البدنية التي تتوقف على النفقات المادية.

فقلت مقتبسا من العلماء منطقا عقلانيا يراعي الواقع الذي نعيشه، وهذا الاقتباس بدأته بسؤال هل يجوز الاستدانة من أجل الحج أو العمرة؟ 
والجواب كما أرى مبنيا على ما قرأت وفهمت أن الحج لم يفرضه الله عز وجل إلا على المقتدر ماديا وبدنيا، بل ذهب العلماء أن الزواج مقدم على الحج، فمثلا من يمتلك المقدرة المالية والبدنية وليس متزوجا ولديه رغبة في الزواج عليه الزواج، ولكن لا أنكر أن هناك قولا لفريق من الحنابلة يستحبون الاستدانة من أجل الحج إذا كان المستدين يملك ما يرد به دينه، وهذا الوضع لا يتوفر في زماننا هذا في الذي يريد تقسيط الحج لأنه لا يمتلك المال، ولكن يريد أن يحج ليُقال أنه الحاج فلان، ويحدث ما يحدث بعد ذلك إلا ما رحم ربي، وأمر آخر الشركات التي توفر الحج بالتقسيط تجعل فائدة على ذلك من أجل التربح، لأنه لا يعقل لشركة الغرض من إنشائها التربح أن توافق على الاسترداد ممن يريد الحج مقدار ما أنفقته عليه في أقساط دون تكسب، هذا لن يكون ممكنا في ظل الطموح الجارف لدى شركات السياحة، وتطبيق تقسيط الحج يحتاج إلى فنية فقهية عالية من الصعب توافرها.

وهنا أذكر ما جاء في الموسوعات المعنية بهذا الأمر وكان نصه: حقوق الله تعالى المالية، كالزكاة، لا تثبت في الذمة إلا على الغني القادر عليها – والغني في كل تكليف بحسبه – فلا يكلف بالاستدانة ليصير ملزما بشيء منها بالاتفاق، أما ما شرط الله لوجوبه الاستطاعة، كالحج، فإن كان لا يرجو الوفاء فالاستدانة لأجله مكروهة أو حرام عند المالكية، وخلاف الأفضل عند الحنفية، أما إن كان يرجو الوفاء فيجب عليه عند المالكية والشافعية، وهو الأفضل عند الحنفية وعند الحنابلة – يفهم مما في المغني – أنه إن أمكنه الحج بالاستدانة لم يلزمه ذلك، ولكن يستحب له إن لم يكن عليه في ذلك ضرر أو على غيره.. انتهى.

تابع مواقعنا