العبور نحو الموت
لا زالت محافظة المنوفية تتشح بالسواد حدادًا على أرواح أبنائها ممن غرقوا في حادث "معدية أبوغالب"، حيث وفقا لما أعلن من أرقام رسمية حتى الآن، وصلت حالات الوفاة إلى 16 فتاة، فيما وصل عدد المصابات إلى 9، من إجمالي عدد 25 فتاة وامرأة، كلهم دون سن السابعة عشر من عمرهم، كانوا على متن الميكروباص الغارق.
والمتتبع لحال تلك المعدية تحديدا "معدية أبو غالب" يجد تكرار تلك الحوادث كثيرا في تلك المنطقة بنفس الأسلوب ذاته بل والنتائج نفسها، مما يجعلنا نطرح السؤال تلو السؤال عن الأسباب والمآلات، حيث في كل مرة تحدث واقعة من تلك نجد من يخرج ليلوم الأهالى على عمالة أبنائهم ويصعد الحديث نحو عمالة الأطفال في القرى، غافلا عن عمد أو عدم معرفة بالسياق الذي يجعل هؤلاء الفتيات يخرجن للعمل، فكثير من هؤلاء الفتيات يخرجن للعمل خلال إجازة نهاية العام لمساعدة أسرهن ماديا، ولمساعدة أنفسهن في الاستعداد للعام الدراسي الجديد، وبالنهاية لم يروا مستقبلًا منعما كما كانوا يطمحون، فبدلا من انتظار الأهالي لأبنائهن العودة من العمل نهاية اليوم، هرعن للبحث عنهن وسط المياه في مشهد تكرر تماما قبل عام على الأقل.
إن التعلم من أخطاء الماضي هو أهم ما يجب أن يميز العقل البشري دون غيره من مخلوقات أخرى، فماذا فعل محافظ المنوفية والقليوبية منذ آخر حادث، إذ لا يجب عليك أن تكون عجـوزا كي تتذكره فلم يكد يمر عليه أكثر من عام.
نفس غرفة العمليات التي تابع منها المحافظ الواقعة، ثم الوصول لمكان الحادث بعدها بساعات للمتابعة الميدانية، ثم عدد من التصريحات الإعلامية حول تعويضات مالية ومحاسبة المقصرين ثم لا شيء يحدث بعد ذلك سوى أننا نصحوا على حادث غرق جديد وضحايا جديدة.
كما أن عميلة بناء كوبري خرساني لربط محافظة المنوفية والجيزة في تلك المنطقة متوقفة منذ مدة كبيرة، مما جعل الأهالي يحملون الحكومة المسؤولية بسبب تراخيها في تنفيذ واستكمال بناء الكوبري. حيث أنه في العام 2020، وجه الرئيس السيسي بإنشاء كباري علوية بديلا عن المعديات النيلية، أمام القرى التي يزيد عدد سكانها على 10 آلاف نسمة، بهدف إلغاء المعديات التى يستخدمها الأهالي، حيث إن معظم المعديات في القرى والمراكز أهلية وغير مرخصة، كما أنها لا ينطبق عليها الشروط والمواصفات الفنية القياسية مما يجعلها عرضة للغرق في أي وقت.. فمتى تنتهي الكارثة؟
