سفاح التجمع في ميزان القانون
تناولت الصحف القضية المثارة حاليا والمعروفة إعلاميا بقضية سفاح التجمع، وتعددت القصص والروايات والأخبار حول شخصية السفاح وظروفه الاجتماعية المحيطة به، وطريقة قيامه بتنفيذ جرائمه مما شكل رأي عام، وأصبح الكل يتحدث عن سفاح التجمع.
سفاح التجمع في ميزان القانون
والحقيقة أن ما يثار حاليا في عرف القانون يعد انتهاكا للمبدأ الحاكم لقانون الإجراءات الجنائية الذي يقرر بأن المتهم بريء حتي تثبت إدانته أمام قاضية الطبيعي ومحكمته المنصفة، ومن أهم الآثار المترتبة على هذا المبدأ الدستوري هو الشك يفسر لصالح المتهم وأن المتهم غير ملزم لإثبات براءته وفي الإدانة لابد أن يكون هناك دليل قطعي الثبوت ودليل يقيني على إدانته ولاحظنا خلال تلك الفترة المنقضية عدم صدور بيان من الجهة صاحبة الاختصاص الأصيل في تحريك الدعوى الجنائية وهي مكتب النائب العام، فطالما لم يصدر هذا البيان وجب علينا جميعا التعامل في هذه القضية بهدوء شديد حتى نساعد جهة الاتهام وجهة الضبط بالقيام بأعمالهم للوصول لحقيقة الواقعة.
والواقع أننا سنتحدث في هذه المقالة عن مجموعة من الفروض ونضع لكل فرض تكيفه القانوني السليم وعقوبته المنصوص عليها في قانون العقوبات حيث لا جريمة ولا عقوبة، إلا بنص وأن دور النيابة العامة هي تحديد الاتهام وتكييف التهمة وهو ما يسمي بالقيد والوصف فاذا حددت النيابة العامة بعد اكتمال التحقيقات بان التهمة المنسوبة للسفاح هي القتل العمد ففي هذه الحالة سيتم تطبيق احكام المادة 234 والتي تنص على من قتل نفسا من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد.
والفرض الثاني أن تتهم النيابة العامة السفاح بالقتل العمد مع إضافة الظروف المشددة للجريمة كسبق الإصرار أو سبق الترصد أو اقتران جريمة القتل بجناية أخرى أو ارتباط جريمة القتل بجنحة، أو أن تكون الأداة المستخدمة في الجريمة هي السم أو اذا ارتكبت الجريمة تنفيذا لغرض إرهاب ففي هذه الحالة سينطبق على المتهم احكام المواد 230، 231، 232، 233، 234 الفقرة الثانية والعقوبات الواردة في المواد السابقة هي الإعدام.
الفرض الثالث، وهو أن يثبت للنيابة العامة من خلال تقرير الطب الشرعي بان المتهم مختل عقليا ففي هذه الحالة قرر المشرع إعفاء الجاني من العقوبة بالرغم من ارتكابه للجريمة المسندي اليه وثبوت مسئوليته الجنائية عنها وهي تسمي بموانع العقاب أو الأعذار القانونية المعفية من العقاب وحالات الاعفاء هذه تعد استثناء على الأصل العام حيث ان الأصل العام ان الجاني يجب ان يخضع للعقاب المقرر قانونا لجريمته متي ثبت ارتكابه لها ماديا ومسئوليته عنها جنائيا ومن اهم تطبيقات موانع العقاب هي استنادها الي ظروف سابقه علي ارتكاب الجريمة او معاصرة لارتكابها او لاحقه لذلك فقد يظهر اثناء التحقيق ما يؤدي الي منع العقاب عن السفاح.
وفي النهاية وفي ظل عدم صدور بيان للنائب العام بشرح وقائع وملابسات الجريمة وأيضا عدم التمكن من سحب أوراق القضية حتى الآن لا يمكن التحدث بصفة الحزم أو الجزم، ويجب أن نتذكر دائما المبدأ الدستوري بأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته.
وللحديث بقية