الشر الكامن
من 5 سنين اتعرضت لموقف إنساني صعب شوية كان عنوانه العريض التشكيك في مشوار شغلي كصحفي واللي كان وقتها عمره 14 سنة شغل صحافة بالتمام والكمال!.
فجأة وبسبب موضوع كتبته ومتأكد من تفاصيله مليون % حصلت هجمة شرسة عليا للتشكيك في مصداقية الموضوع!.. رغم مراعاة الواحد لربنا في كل حرف بيكتبه ثم لضميره ثم لمهنته ولخبرة سنين طويلة وأماكن محترمة كنت بنتمي ليها لكن كل ده لم يشفع في صد الهجوم أو تحكيم العقل.
المواقف اللي زي دي معظم الصحفيين اتعرضوا ليها والكل كان بيتجاوزها بشكل أو بآخر لأن الطبيعي إنك طول ما أنت بتكتب الحقيقة هتلاقي اللي يهاجمك لإن مش كل الناس بتحب الحقيقة ولا سيرتها.. ممكن تضيف كمان على أسبابهم سبب مهم وهو "الغيرة" إن إزاى فلان يكتب عن كذا وأنا لأ فأنا ههاجمه بقى.
شرور الناس ودوافعهم وجنانهم مش محل نقاش لإنها لا نهائية والكلام عنها مضيعة للوقت.. المهم هو ده اللي حصل من وسط شلة أصحاب المفروض إنهم قريبين كنت متوقع إن فيه 5 بالذات هيكونوا في ضهري ويدافعوا عني.. أو بلاش يدفعوا.. على الأقل حتى يسألوني ويستفسروا مني ثم يسيبوا الحكم لنفسهم ولضميرهم!.
من ضمن الـ 5 دول بالذات كان فيه واحد كنت بعتبره زى أخويا بالظبط وكان أقربهم.. ظهوره في لحظة الهجوم عليا بالنسبالي كان أمر منتهي، وتضامنه معايا ماكنش محل شك.. ده راجل فيه بيني وبينه اللي أكبر من العيش والملح والأخوة.. الله!، ما أنا بقول لك زى أخويا!.. بس اللي حصل إن هو بالذات اللي ماظهرش!.. قرر يختفي عن الصورة اختفاء تام لمدة 4 أيام كاملة رغم علمه بالأزمة اللي أنا فيها واللي لو كان قرر يدخل يرد غيبتي فيها كان الموقف ممكن يتغير بس هو فضل سلامته الشخصية حتى عن قول الحق في حق أخوه وصاحبه.
ولما الموضوع انتهى بعد الـ 4 أيام وظهر من تاني سألته أنت كنت فين؟.. رد إنه موجود عادي وكان متابع اللي بيحصل!.. طب ليه ماكلمتنيش ولا سألت عليا!.. رد برد غريب يليق بندالة الموقف إنه كان عارف إني هعدي من الأزمة لوحدي وإني مش محتاجه معايا.. من بعد الموقف ده مارجعناش زى ما كوا واتكسر بينا جدار اتبنى في سنين اسمه الثقة والاحترام والسند.
صحيح إن وجعي من الشخص ده عوضه وقوف ناس تانية مكانوش على بالي نهائي وظهروا بمنتهى الرجولة والجدعنة لكن فضل الجرح اللي جوايا من الشخص سايب أثر غير قابل للنسيان بيدل على فشلي في ترتيب أفراد دايرتي واللي أقرب واحد فيهم أهو طلع زيه زى الغريب وأجبن.
فيه شخص قرر إنه يكتب موضوع يكون عنوانه "أبشع طعنة في التاريخ" ويذكر من خلالها أهم حوادث الاغتيال سواء التاريخية أو المعاصرة ويكتب عنهم عشان يشوف هو والقراء مين أكتر طعنة هتنال لقب الأبشع!.. ما بين حوادث اغتيال زي استشهاد سيدنا "عمر بن الخطاب" بالخنجر، أو سيدنا "علي بن أبي طالب" بنفس الطريقة كان الاختيار في النهاية لطعنة اغتيال "يوليوس قيصر"!.. اشمعنى؟.. بسبب التفاصيل!.. في الاجتماع اللي قرر فيه كل الحضور إنهم يخونوا "يوليوس قيصر" طعنًا بالخناجر عشان يتخلصوا منه نجحوا وببراعة وسرعة في تنفيذ مخططهم.. كل الموجودين هجموا عليه في لحظة واحدة وطعنوه.. "يوليوس" وبسبب قوة جسمانه وثباته وكرامته اللي كانت رافضة إنها تخليه ينزل على ركبته ويطلب العفو فضل واقف ثابت على رجليه وهو بيبص للوشوش الخاينة اللي حواليه في استغراب بدون ألم!.. دمه نازل وهو بيحاول يستجمع قوته قدامهم!.. فجأة ظهر من ورا الناس صديق عمره "بروتوس".. هنا اتحرك "يوليوس" في اتجاه صديقه وهو غرقان في دمه زى ما بيكون بيستنجد بيه وحط إيده على كتفه وعينه كلها رجاء إنه ينقذه.. طلّع "بروتوس" خنجر من جيبه هو كمان وطعن "يوليوس" الطعنة الأخيرة والأقوى لإنه كان متفق مع الباقيين!.. في نفس اللحظة قال "يوليوس" الجملة الأكثر انتشارًا من باقي أقواله: (حتى أنت يا بروتوس إذًا فيلمت قيصر).. ووقع مات فعلًا!.. خنجر "بروتوس" ورغم إنه كان صاحب الطعنة رقم 20 مثلًا لكن الصدمة اللي صاحبت نظرة "يوليوس قيصر" له هي اللي قتلته مش قوة الضربة نفسها.
مش بتفرق قوة الضربة لكن الاتجاه اللي جت منه.. كل ما كانت الضربة أقرب كل ما كان أثرها أصعب.. مش بتفرق الكلمة لكن مين اللي قالها.. مش بتفرق الغلطة لكن مين بالذات اللي غلطها.. أنا كفيل بالأعداء لإني عارفهم وشايف قلوبهم من خلال أفعالهم، لكني وبمنتهى حُسن النية ممكن تغيب عني نية صديقي اللي مديله الأمان واللي مش متوقع منه الغدر وساعتها هتبقى الضربة للأسف ضربتين.. فيه جملة أدبية عظيمة بتقول: (حين أصاب السهم قلبي لم أمت، لكني مت حين رأيت من رماه).. من هنا بتفهم أهمية دعوة زى: اللهم أكفني شر أصدقائي، أما أعدائي فأنا كفيل بهم.