الإثنين 23 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الإعلام الأخضر.. دوره وتحدياته ومستقبله

الجمعة 31/مايو/2024 - 09:31 م

أصبح الإعلام الأخضر جزءًا لا يتجزأ من الخطاب الإعلامي المعاصر، حيث يعبر عن التزام وسائل الإعلام بتناول القضايا البيئية وتسليط الضوء على أهمية الحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.

وبدأ استخدام هذا المصطلح لأول مرة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة لعام 1972 في ستوكهولم، وهو أول مؤتمر عالمي يجعل البيئة قضية رئيسية، ومع مرور الوقت، تطور هذا المصطلح ليصبح أكثر تأثيرًا وانتشارًا. ومع ذلك، يواجه الإعلام الأخضر تحديات عديدة، خاصة في المنطقة العربية، وسوف نستعرض في هذا المقال دور الإعلام الأخضر في نشر الوعي البيئي، والتحديات التي يواجهها، والحلول الممكنة لتعزيز تأثيره، بالإضافة إلى استعراض مستقبله.

عند النظر إلى دور الإعلام الأخضر في نشر الوعي البيئي نجد أن دوره لا يقتصر فقط على تسليط الضوء على المشاكل البيئية، ونشر الحقائق العلمية المتعلقة بالبيئة من خلال وسائل الإعلام المختلفة، بل هو أيضًا أداة قوية لتحفيز السلوكيات المستدامة، حيث يسلط الإعلام الأخضر الضوء على الأفراد والمجتمعات التي تتبنى ممارسات بيئية ناجحة، بهدف تشجيع الجمهور على اتخاذ خطوات مماثلة، بالإضافة إلى تحفيزهم على المشاركة الفعالة في المبادرات البيئية من خلال تغطية الأحداث والنشاطات البيئية، كما يلعب الإعلام الأخضر دورًا في الضغط على الشركات والحكومات لتبني سياسات وممارسات صديقة للبيئة من خلال التغطية الإعلامية المكثفة للقضايا البيئية والممارسات الضارة.

وبالرغم من الأهمية المتزايدة لهذا النوع من الإعلام إلا أنه يواجه تحديات عديدة، خاصة في المنطقة العربية، ولعل أحد أهم هذه التحديات يتعلق بنقص تمويل البرامج البيئية والتغطيات الصحفية المتعلقة بالبيئة، حيث تتجه وسائل الإعلام في كثير من الأحيان نحو القضايا التي تحقق أرباحًا مالية أكبر، ما يجعل القضايا البيئية في مرتبة أقل من حيث الأولوية. وبالطبع، هذا الوضع يؤثر سلبًا على مستوى الوعي البيئي بين الجماهير ويقلل من فعالية الجهود المبذولة لحماية البيئة.

إضافة إلى ذلك، يعد نقص الخبرة والمعرفة البيئية بين الإعلاميين من التحديات الكبرى التي تواجه الإعلام الأخضر في العالم العربي، فالكتابة عن القضايا البيئية تتطلب فهمًا عميقًا للمواضيع العلمية والفنية المعقدة، والعديد من الإعلاميين قد لا يكون لديهم الخلفية العلمية الكافية لتقديم تقارير دقيقة وشاملة حول القضايا البيئية، ما يؤدي إلى تغطية سطحية وغير دقيقة في بعض الأحيان.

ولمواجهة هذه التحديات التي تواجه الإعلام الأخضر، من الضروري تبني حلول جديدة لتعزيز تأثير هذا النوع من الإعلام، قد يكون من بينها؛ تجديد أساليب تقديم المحتوى البيئي، وتحفيز استخدام قوالب حديثة وبسيطة مثل البودكاست على سبيل المثال لا الحصر، بحيث تساعد تلك الأساليب على تفكيك عقدة المواد البيئية التي تتسم بالتعقيد والجمود، وتعمل على جذب انتباه الجمهور وإشراكه في القضايا البيئية.

إضافة إلى ذلك، من المهم تقديم التدريب وبناء القدرات للإعلاميين في مجال الصحافة البيئية، ويمكن أن يتم ذلك من خلال تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية للإعلاميين حول كيفية تناول القضايا البيئية بشكل صحيح وفعال، هذا التدريب يمكن أن يشمل مواضيع مثل فهم البيانات البيئية، وتقنيات التحقيق الصحفي في القضايا البيئية، واستخدام الأدوات الرقمية لنقل المعلومات البيئية.

علاوة على ذلك، يمكن تعزيز دور الإعلام الأخضر من خلال التعاون بين وسائل الإعلام والمنظمات البيئية. من خلال هذا التعاون، يمكن للمنظمات البيئية تقديم المعلومات والبيانات اللازمة للإعلاميين، ما يساعدهم في كتابة تقارير دقيقة وموثوقة حول القضايا البيئية أو تنظيم ورش عمل وتدريبات للإعلاميين حول كيفية تناول القضايا البيئية بشكل صحيح وفعال.

أما عن مستقبل الإعلام الأخضر، فتشير الأدبيات المتخصصة في ذات الشأن إلى أن مستقبل هذا النوع من الإعلام يتجه نحو تحقيق الاستدامة في كل جوانب صناعة الإعلام، بداية من التكنولوجيا المستخدمة في المؤسسات الإعلامية وصولًا إلى المحتوى المقدم، فيشير خبراء الإعلام إلى أن التحول نحو النشر الرقمي وتقليل الاعتماد على الموارد الطبيعية مثل الورق أحد الجوانب الأساسية في مستقبل الإعلام الأخضر. هذا التحول لا يساهم فقط في حماية البيئة، بل يساعد أيضًا في الوصول إلى جمهور أوسع عبر الإنترنت. كما أن استخدام التكنولوجيا الخضراء، مثل الطاقة المتجددة لتشغيل المكاتب والمنشآت الإعلامية، سيكون جزءًا أساسيًا من هذه التحولات.

ومن ناحية المحتوى، سيزداد التركيز في المستقبل على تقنيات الإعلام الرقمي، مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز، وستتوفر طرقًا جديدة لإيصال الرسائل البيئية بطرق تفاعلية وجذابة، ما يعزز الفهم والوعي بالقضايا البيئية، ويُمكن الناس من المشاركة في الحوار البيئي وتبادل الأفكار والحلول.

ختامًا، يُمثل الإعلام الأخضر أداة قوية في رحلتنا نحو مستقبل مستدام، فهو منصة للتوعية، وحافز للتغيير، وجسر بين العلم والمجتمع، ومنصة للحوار، وأداة للرقابة. فلنكن جميعًا سفراء للإعلام الأخضر، ولنعمل معًا لبناء مستقبل مستدام لأجيالنا القادمة، مستقبل يُزهر فيه الوعي البيئي، وتسود فيه ثقافة الاستدامة، ويعيش فيه الإنسان بانسجام مع الطبيعة. 

تابع مواقعنا