في كتابه أوراق سيد قطب المفقودة.. حمادة إمام يكشف عن 34 ورقة مفقودة سربها هيكل وأزعجت السادات
لسيد قطب أوراق مفقودة لم تنشر بعد، وعدد هذه الأوراق 64 ورقة ما نشر منها فقط 30 ورقة أما الباقي فظلت مجهولة، وهي الأهم والأخطر وثلاثة مقالات ترصد تحولاته الفكرية من الماسونية للإخوان، هذا هو موضوع الكتاب الجديد لمدير تحرير جريدة الشروق حمادة إمام الذي صدر له مؤخرا عن مركز الحضارة تحت عنوان الأوراق المفقودة لسيد قطب.
ويتناول الكتاب قصة اختفاء بعض الأوراق لسيد قطب ولماذا تحرص جماعة الإخوان المسلمين عدم الاقتراب منها، ويفجر الكاتب مفاجأة عن كيفية تسريب الأوراق، ومن وقف وراء تسريب أوراق سيد قطب، حيث يكشف الكاتب أن من سرب أوراق سيد قطب هو الكاتب محمد حسنين هيكل، وأن من قدمها لجريدة الشرق الأوسط هو فهمي هويدي، وعن هذه النقطة يقول إمام إن الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل في كتابه مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان في صفحة 25، بلا موعد مسبق حضر أشرف مروان سكرتير الرئيس للمعلومات إلى بيت أنور السادات بالجيزة، ومعه حقيبتان من حجمين مختلفين معبأتين بأوراق ووثائق جلبها من مكتب سامي شرف وزير شئون الرئاسة، الذي اعتقل في أحداث مايو 1971.
تصور مروان أن وثائق الرئاسة في منشية البكري قد تغري الرئيس الجديد بقراءتها، أو اعتبارها هدية ثمينة تستوجب الامتنان والشكر، لكن السادات قال ساخطا: لن أقرأ البلاوي دي.. اقرأها أنت يا محمد وإن كان فيها حاجة مهمة قل لي خدها أنت بتحب الورق القديم وعندك صبر لتقرأ أما أنا فلا صبر عندي عليه، وبالفعل أخذت الحقيبتان.
وفى نفس الصفحة يقول هيكل: كان السيد سامي شرف قد جرى العمل في أسلوبه على أن يسجل بخط يده ما يسمع في التليفون من أي مسئول حتى لا يضيع من تفاصيله شيء عندما يعرض على الرئيس إذا كان فيها ما يتطلب العرض، وفي بعض المرات فإن سامي شرف كان يبعث بأصول ما كتبه بخط يده وفي لحظتها للأهمية ما فيه ثم تعود تلك الأصول وعليها تأشيرة براي أو إشارة برفض أو قبول وأحيانا بعلامة استفهام.
وكان سيد قطب قد كتب الأوراق وقدمها إلى شمس بدران الذي كان ينقلها أولا بأول لسامي شرف لعرضها على عبد الناصر.
يعود هيكل في صفحة 34 وكان حوار دائر بينه وبين السادات بخصوص ترشيح مبارك نائبا لرئيس الجمهورية، فيقول: وقلت للرئيس السادات ولكن مبارك دارت حوله إشاعات في قضية اغتيال الإمام المهدي وسوف تعود القضية كلها إلى التداول في الخرطوم فور إعلانه نائبا للرئيس.
فرد الرئيس السادات وقال: مشكلتك يا محمد إنك بتصدق الإشاعات.
فقلت له: أنت بنفسك رويت القصة كلها على التليفون وسامي شرف سجلها بخط أيده لعرضها على الرئيس جمال عبدالناصر وما كتبه سامي شرف عندي فى أوراقي التي تفضلت وأعطيتها بنفسك لي.
هنا انزعج السادات وتغيرت ملامحه وقال: وعندك الورقة التي كتبها سامي ثم استطرد بأنه يريدها، يريد أن يراها، فقلت له: إن الورقة موجودة ولكنها ليست هنا وذكرته بأنني استأذنته في إخراج بعض الأوراق الخاصة بعيدا عن مصر خوفا عليها من تربص صراعات السلطة التي لاحت نذرها بعد رحيل جمال عبدالناصر.
يعود إمام لسيرة قطب مرة أخرى وتحديدا عن بداياته، فيكشف أن سيد قطب بدا متأثرا بحزب الوفد وخصوصا بكاتبه عباس محمود العقاد، وكان من أشد المدافعين عنه في معاركه، ومن أهم تلك المعارك، وقوفه فى صف أستاذه عباس محمود العقاد، ومهاجمته الدكتور طه حسين عقب نشره لكتاب مستقبل الثقافة في مصر.
المثير هنا أن قطب فى تلك المرحلة قد وقف مع عباس العقاد فى عدد من المعارك ضد المفكرين والمثقفين المحسوبين على الخط الإسلامي، من أمثال مصطفى صادق الرافعي، ومحمود شاكر، ومحمد سعيد العريان.
فى عام 1948 حصل سيد على بعثة للولايات المتحدة لدراسة التربية وأصول المناهج، فى 23 أغسطس 1952، عاد سيد من الولايات المتحدة إلى مصر للعمل فى مكتب وزير المعارف وبعد رجوعه، قدم تقريرا إلى قيادات وزارة المعارف، هاجم فيه مناهج التعليم الأمريكية، وادعى بأن تلك المناهج لا تتسق مطلقا مع الثوابت والمبادئ الإسلامية، وقامت الوزارة على نقله أكثر من مرة، الأمر الذي لم يرق لسيد فقدم استقالته من الوزارة فى تاريخ 18 أكتوبر 1952.
لسيد قطب ثلاثة مقالات، تكشف الكثير عن حياته الخاصة، ونزعاته الدفينة، ولا يطيق كثيرا من الإخوان المسلمين والسلفيين، يجب أن تتمّ الإشارة إليها عند دراسة فكر هذا الرجل شديد التقلب، وذي الانعطافات الفكرية الحادة.
المقالة الأولى تكشف عن انتماء سيد قطب للماسونية، ولمحفلها الأكبر فى زمن الملكية المصرية؛ بل كان قطب من كتّاب افتتاحيات مجلة التاج المصري، لسان حال الماسونيين في مصر حينذاك.
وثاني تلك المقالات: مقال عن شواطئ مصر الميتة، التي يريد لها سيد قطب أن تضجّ بالحياة، وبالفتيات المصريات اللواتي يجمّلن الشواطئ بملابس السباحة المايوه، وينتقد فيها العقليات المتخلفة التي ترى في المايوه عريا وقلة أدب.
أما المقالة الثالثة فكتبها قطب عندما كان العضو المدني الوحيد فى مجلس قيادة ثورة يوليو المصرية عام 1952، حثّ فيه زملاءه من القادة العسكريين، على ألا يتورعوا عن إبادة العمال المتظاهرين في مدينة كفر الدوار، وأنّ الثورات يجب أن تحرِق خصومها، وتصفّي كلّ من يقف فى طريقها.
لماذا صرت ماسونيا؛ المقال الذى نشره كافتتاحية فى مجلة التاج المصري عام 1943.
وقال فيه: إني صرت ماسونيا لأنني أحسست أن الماسونية بلسم لجراح الإنسانية، طرقت أبواب الماسونية لأغذي الروح الظمأى بالمزيد من الفلسفة والحكمة، ولأقتبس من النور شعلة بل شعلات تضيء لي طريق الحياة المظلم، ولأستمد قوة أحطم بها ما في الطريق من عراقيل وأشواك، ثم لكي أكون مجاهدا مع المجاهدين وعاملا مع العاملين.
أما المقال الثاني فقد نشر فى الأهرام في مقاله خواطر صيف جريدة الأهرام يوليو 1938 تحت عنوان شواطئ ميتة، وقال فيه ليس في الجسم العاري على البلاج فتنة لمن يشاهده ويراه في متناول عينه كل لحظة، وفتن الأجسام هناك وهي المنتشرة فى البرنس أو الفستان، أما المايوه فهو لا يجذب ولا يثير، وإن أثار شيئا فهو الإعجاب الفني البعيد بقدر ما يستطاع عن النظرة المخوفة المرهوبة.
أما المقال الثالث فكان دعوة سيد قطب لمجلس قيادة ثورة يوليو بعدم الخوف من مظاهرات عمال كفر الدوار ونشر فى جريدة الأخبار، أغسطس 1952.
ويقول فيه: إنّ عهدا عفنا بأكمله يلفظ أنفاسه الأخيرة فى قبضة طاهرة، لكنّها قويّة مكينة، فلا بأس أن يرفس برجليه، لكنه عهد انتهى، عهد قد مات، لكنّ المهمّ هو أن نشرع فى الإجهاز عليه، وأن تكون المدية حامية فلا يطول الصراع، ولا تطول السكرات، لقد أطلع الشيطان قرنيه فى كفر الدوّار، فلنضرب بقوّة، ولنضرب بسرعة.