أسوأ ليلة عمر
مهما كانت غرابة المواقف اللي شوفتها في حياتك ومن خلالها اكتشفت إن فيه ناس معندهاش دم عايشين وسطنا والندالة بتجري في عروقهم فهي مش هتيجي حاجة خالص جنب الموقف اللي حصل في الهند في سنة 2021 وكان محور حديث معظم دول آسيا والعالم.. في قرية ساماسبورا وتحديدًا في منطقة إيتاوا انتهت قصة حب الشاب "مانجيش" من حب عمره الشابة "سوربي" بالاتفاق على الجواز.
قصة حب لطيفة في مجتمع مش منفتح أوي زي الهند وبالذات في القرى الصغيرة اللي فيها كانت هي دي النهاية الطبيعية له.. "مانجيش" كان عنده مشكلة إنه شخص بيخاف من كلام الناس.. بيحسب كل حساباته إن أفعاله وكلامه مايكونوش سبب إن الناس تنتقده!.. يعني عادي جدًا إنه ييجي على نفسه بس في المقابل ميسمعش كلمة تجرحه من حد أو بصة تضايقه!.. الغريب إن "سوربي" وأسرتها كانوا زيه كده بالظبط عشان كده مش هتستغرب إزاى قصة الحب دي وصلت للمرحلة النهائية اللي هي الجواز.. تمام يا سيدي ربنا يهني سعيد بسعيدة وهما أحرار ما دامت التفصيلة الشخصية دي هما مش شايفينها عيب.. في يوم الجواز وأثناء ما الناس كلها في الحوش اللي هيتم فيه مراسم الجواز فيه تقليد لطيف كده بيحصل وهو تبادل أكاليل الزهور بين العريس والعروسة في حضور المقربين من الأسرتين وبيحصل في أوضة منفصلة قبل الخروج للمعازيم في الحوش.. "سوربي" كانت ماسكة بوكيه الورد بتاعها وهتسلمه لعريسها وفجأة وقعت من طولها وماتت!.. فجأة وبدون مقدمات البنت اللي لسه في بداية حياتها جاتلها أزمة قلبية من كتر الفرحة وماتت..
المفروض اللي يحصل إيه؟.. صويت وصراخ وفزع على الكارثة اللي حصلت دي.. بس لأ.. صمت تام ونظرات متبادلة بين العريس "مانجيش" وبين أسرته وأسرة "سوربي" وكإنهم بيسألوا بعض هنعمل إيه.. والدة العروسة غصب عنها ماقدرتش تكتم حزنها وانفجرت في البكاء على بنتها.. لكن "مانجيش" حط إيده على بوقها وطلب منها إنها تسكت خالص.. الكل بص له.. فكر شوية وقال وهو متوتر إن دلوقتي "سوربي" ماتت خلاص واللي حصل حصل بس فيه معازيم بره قاعدين ومش هينفع إن الفرح يتلغي.. ليه؟.. عشان "مانجيش" باشا خايف الناس يقولوا عليه نحس أو وشه وحش والبنت ماتت قبل فرحها عليه بسبب كده.. ولما لقى نظرات الاستنكار في عيون أسرته وأسرة العروسة من الاحتمال العبيط ده راح زود على الاحتمالات احتمالات تانية أكتر عبطًا فقال إنه خايف برضه يتقال على أسرته إنهم فقريين أو نحس أو يتقال على أسرة "سوربي" نفسها إنهم ماكشفوش عليها طبيًا وكانوا مهملين في مراعاتها صحيًا وعشان كده البنت ماتت.. ماتعرفش إزاى الكلام اللي مالوش قيمة ده أثر في الأسرتين وخلاهم يتبنوا وجهة نظر "مانجيش" ويوافقوا عليها فسأل أبو العروسة العريس طب هنعمل إيه عشان نخرج من الموقف ده؟.
"مانجيش" اللي زى ما يكون كان محضر الإجابة شاور على أخت "سوربي" الصغيرة وقال هتجوز أختها وكده كده الاتنين فيهم شبه كبير من بعض ومحدش هياخد باله!.. طبعًا كان المفروض يحصل اعتراض وكده؟.. لأ.. الكل وافق من الناحيتين يمكن الوحيدة اللي كانت معترضة هي أخت "سوربي" اللي ماكانتش متصورة إزاى إن أختها تبقى ميتة في الأوضة وهي بتتجوز في الحوش بره والناس بتغني وبترقص.. حصل الأمر فعلًا وتمت الجوازة بمنتهى السعادة بين كل الأطراف.. والمهم إن الليلة عدت على خير وتاني يوم دفنوا "سوربي" في السكرتة عادي جدًا ومحدش عرف القصة نفسها غير بعد شهور.. طبعًا أُومال إيه!.. إحنا كلام الناس عندنا أهم من أى حاجة.
المشى ورا كلام الناس والخوف من اللي هيقولوه عنك لو عملت كذا بيحولك تدريجيًا لنسخة مش شبهك وكل سعيك بيبقى لإرضائهم حتى ولو على حساب نفسك.. الفكرة إن كلام الناس لا بيزود بني آدم، ولا بينقصه ووقت الجد مش هتلاقي في ضهرك اللي أقنعك بالتصرف الفلاني وأنت مش مقتنع بيه.. تكوين وجهة نظر خاصة بيك مش أمر صعب لو قررت إنك تحسبها بعقلك وتستفتي قلبك.. لما بتخليهم يختارولك: بيتجوزولك وبيتعلمولك وبيسكنولك وبيعيشولك.. الأديب "وليام شكسبير" قال: حياة يقودها عقلك.. أفضل بكثير من حياة يقودها كلام الناس.