حكم المرور بعرفة بالطائرة.. اعرف رأي الشرع
ردت دار الإفتاء المصرية، على سؤال ورد إليها نصه: هل يجزئ المرور بعرفة بالطائرة عن الوقوف بها؟، فأحدُ الحجاج أُصيبَ يوم عرفة قبل وقوفه بها بوعكة صحيَّة شديدة ومفاجئة، استلزمت نقله إلى إحدى الوحدات الطبية المتخصصة، ونظرًا لازدحام الطرقات، تم نَقلُه بإحدى طائرات الإخلاء الطبي، فمَرت به فوق أرض عرفة في وقت الوقوف، وكان واعيًا، فهل مروره على عرفة بالطائرة يجزئه عن الوقوف بها؟.
حكم المرور بعرفة بالطائرة.. اعرف رأي الشرع
وقالت الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني: الوقوفَ بعرفة ركن الحج الذي لا يتم إلا به، والأصل فيه مباشرة الحاج لأرض عرفة أو ما اتَّصَل بها مِن مَرْكَبَةٍ ونحوها، فإنْ أَلْجَأَتْهُ الضرورة أو الحاجة التي تُنزل مَنزلتها إلى المرور بهواء عرفة بطائرة الإخلاء الطبي حال كونه واعيًا، وذلك لما أُصيبَ به مِن وَعْكَةٍ صحيَّة شديدة، أجزأه ذلك عن الوقوف بها.
الوقوف بعرفة ركن الحج الأعظم
وأضافت الإفتاء: أجمع العُلَماءُ في كلِّ عصرٍ، وبكلِّ مصرٍ، على أنَّ الوقوف بعرفة ركنُ الحجِّ الأعظم، ولا ينوبُ عنه شيءٌ، وأنَّ مَن فاته الوقوفُ بعَرَفة في وقته الذي حدَّده الشرع فقد فاته الحجُّ، وقد نقل هذا الإجماعَ كثيرٌ مِن أهل العلم، منهم الإمام ابن المُنْذِر في "الإجماع" (ص: 57، ط. دار المسلم)، والإمام ابن عبد البَرِّ في "التمهيد" (10/ 20، ط. أوقاف المغرب)، والإمام ابن رُشْد الحفيد في "بداية المجتهد" (2/ 112، ط. دار الحديث).
الحكمة من الوقوف بعرفة
وواصلت: مِن الحِكَمِ التي تتجلى في الوقوف بعرفة: أنَّه تشبيهٌ وتذكيرٌ بالوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، واستحضارٌ لحال فَقْر العباد وتواضعهم، واحتياجهم إلى خالقهم جلَّ وعَلَا، كما أنَّ فيه إشعارًا وإعلانًا للمساواة بين جميع الحجيج؛ لقول الله عَزَّ وَجَلَّ في مُحْكَم التنزيل: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: 199]، بعد أن قال: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ﴾ [البقرة: 198]، وهو ما يفيد "التفاوت في الفضل بين مطلق الإفاضة، والإفاضة مع الناس وفي جَمعهم الزَّاخر المتدافع؛ ليَشْعُرَ كلُّ مسلم بأنه في منزلةٍ واحدةٍ مع غيره مِن المؤمنين، فيستوي السُّوقَةُ والأمير، والكبير والصغير، والغني والفقير، والحاكم والمحكوم، فتَصْقُل هذه الزحمةُ القدسيةُ قلوبَ المؤمنين، وتُشْعِرهُم بالمساواة أجمعين.
واستطردت: فهذه الجملة عامةٌ في خطابها، تَشمل الحجاجَ أجمعين إلى يوم الدين، فهُم جميعًا مطالبون بأنْ يُفيضوا مع الناس، ومِن حيث يَسِيرُون، لا يَختص أحدٌ بطريقٍ، ولا يُمنع لأحدٍ طريقٌ، ولا يكون لفريقٍ مَسْلَكٌ وللناس مَسْلَكٌ، ولا يُمنع الناسُ حتى يَمُرَّ بعضُ الناس، بل الجميع في المرتفع والمهبط والسَّير والموقف سَوَاءٌ؛ لأنهم في ساحاتِ ربِّ العالمين، الذي يُعطي مَن يشاء ويَمنع مَن يشاء"؛ كما قال العلامة محمد أبو زهرة في "زهرة التفاسير" (2/ 624، ط. دار الفكر العربي).