بإبداع الموهوبين تنهض الأمم
لا شك أن الموهوبين والمبدعين هم قاطرات الأمم نحو التقدم والازدهار.. فمن دونهم لن تنهض أمة مهما حلمت بهذا، وعليه فيجب الاعتناء بهم كثروات ثمينة ومعادن نفيسة، باتباع خطوات جادة وفاعلة.
ومنها بل أهمها التزام الدولة والمجتمع بمسئولياتهم تجاه الشباب خاصة كطاقة هائلة، وكل موهوب بشكل عام، وهذا لا يكون عبر إجراءات شكلية أو محصورة في مجموعة معينة، قد تدخل المحسوبية في اختيارهم بغض النظر عن كفاءاتهم الفعلية، من خلال استيعابهم وتوفير المناخ الذى يساعد على الإبداع، عبر خلق الفرص أمامهم عن طريق خطط وبرامج مدروسة ومعدة جيدا، حتى يمكن الاستفادة من المواهب على أكمل وجه، وعدم إهدارها، وذلك غاية في الأهمية.
ومن المؤسف أن تكون الموهبة لبست معيارا أساسيا للاختيار، بعدما أصبحت الواسطة وأشياء أخرى مدخلا واسعا لنيل الفرص، حتى في تلك الأماكن التى يجب أن تعتمد بشكل أساسى على قدرات الشخص الخاصة، لأنها تتعلق بالإبداع وليس مجرد أداء عمل تقليدي، وذلك واقع نعيشه منذ سنوات كثيرة ولا يمكن إنكاره، بل يجب البدء الفعلي في إنهائه، أو على الأقل الحد منه قدر المستطاع، حتى تتاح الفرص لم يستحقها بالفعل.
أيضا لا بد هنا من تأكيد دور صاحب الموهبة أيا كان عمره فى تنمية موهبته، والبحث المستمر والإصرار على تحقيق الذات، مهما كانت العقبات والمعوقات، وألا يسمح لليأس أن يتسلل إلى نفسه أبدا، وليعلم أن لكل مجتهد نصيب حتى وإن تأخر، ويكفي الإنسان شرفا أنه يحاول ويسعى ويترك النتائج على الله الذي يدبر كل شيء.
الحقيقة أن معظم الناس لديهم مواهب معينة، ومنهم من تكون بالقوة الكافية التى تجعله يلحظها بسهولة وكذلك من حوله، وهناك من يجب عليه البحث عنها فى داخله لإظهارها، والاستفادة منها، والموهبة ليست بالضرورة في فن من الفنون المعروفة، أو إبداع من الإبداعات المألوفة لدى الجميع، فقد تكون فى عمل ما، وقد نجد طبيبا أو مهندسا موهوبا في مجاله ويؤديه بإبداع، فيجعله ذلك متميزاعن كل أبناء مهنته، وأيضا قد يكون صاحب صنعة موهوبا فيها، فيبتكر ويطور بشكل دائم.. حتى الوظيفة الحكومية يمكن أن تدخل الموهبة في أدائها، لتتحول من مجرد عمل يذهب إليه الشخص كروتين يومي من أجل الحصول على الراتب، إلى حالة من الطاقة والإبداع.
لذلك لا يجب أن يركز الشخص على البحث فى منطقة معينة، لأنه قد يتمنى النجاح فى مجال، بينما هو موهوب فى آخر، وقد يكون أكثر إبداعا من غيره فيه.
وعلينا كدولة وأفراد، إدراك أن أصحاب المواهب، إما طاقة مشتعلة من الممكن أن تفيد المجتمع وتجعله فى الصدارة، أو قنابل موقوتة قد تنفجر في وجهه إذا تم خنقها وعدم توفير المناخ لها، وذلك لما يصيب هؤلاء من إحباط ويأس، ينعكس بالضرورة على تركيبتهم النفسية، وقد يتحولون إلى أشخاص كارهين لمجتمعاتهم فاقدين لأي انتماء أو التزام تجاهها، وخاصة عندما يجدون أن أصحاب القدرات المحدودة يحصلون على فرص ليست من حقهم، بينما هم يعيشون في قمة المعاناة بسبب ظروف محيطة خارجة عن إرادتهم، لكنهم يدفعون ثمنها.
إنه ملف غاية فى الأهمية، ويجب أن يكون من أهم الأولويات، كما هو الحال فى كل المجتمعات التى شهدت تقدما وازدهارا، خاصة فى تاريخنا المعاصر.. وأخيرا أقول إن الموهوبين هم الطريق الوحيد لنهضة وخير الأمم، في حال الاعتناء بهم والاستفادة منهم، وأن كل محدود موهبة يتولى مسئولية، يكون بمثابة العصا في عجلة تقدم الأوطان، التي لا تصنع مجدها إلا بالأفكار الخلاقة والمبدعة، التى يظهر أثرها الإيجابي من أول لحظة، وينعكس بالمنفعة على الجميع.