قراءة الإمام بالقراءات في الصلوات الجهرية.. دار الإفتاء توضح حكم الشرع
ردت دار الإفتاء المصرية، على سؤال ورد إليها من أحد المتابعين نصه: هل يجوز لإمام صلاة الجماعة أن يقرأ في الصلوات الجهرية بالقراءات المختلفة، أم يجب عليه الاقتصار على قراءة البلد الذي يصلي فيها؟.
قراءة الإمام بالقراءات في الصلوات الجهرية.. الإفتاء توضح حكم الشرع
وقالت دار الإفتاء في فتوى سابقة: يجوز شرعًا للإمام المتقن للقراءات أن يقرأ بها في صلواته الجهرية التي يؤم فيها الناس، بل قد يكون مستحبًّا أو واجبًا إذا كان يترتب على ذلك الحفاظ على القرآن الكريم وإفهام الناس حقيقته وأوجه قراءاته المتواترة؛ لئلا يندرس هذا العلم، أو يكون حكرًا على خاصة الخاصة من الدارسين والأكاديميين، ولكن ينبغي على مثل هذا الإمام أن يتعهد المصلين بإفهامهم بما يناسب عقولهم بحقيقة القراءات القرآنية وجواز القراءة بها في الصلاة وغيرها؛ بحيث لا يحصل تشويش على جماعة المصلين بأن يقوم بعضهم بالفتح على الإمام عندما يقرأ ما لم يتعوده المأموم من قراءة أهل بلده التي اعتاد سماعَها والاستماعَ إليها، أو بأن ينكر هذه القراءة بالكلية فيقعَ في تكذيب كلام الله تعالى.
وأضافت الإفتاء: أن المتأمل في الأحاديث النبوية الشريفة والسيرة المصطفوية المنيفة لَيَجِدُ الإجابة على هذا السؤال واضحة جلية؛ إذ فيها الإجابة على سبب تعدد القراءات القرآنية وبيانُ كون ذلك رحمة بالأمة، تَسَبَّبَ في جَلبها لها رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم برحمته بأمته وشفقته الكبيرة عليهم، كيف لا وهو نبي الرحمة الرؤوف الرحيم، وفي السنة والسيرة أيضا وجود القراءة بالقراءات المختلفة بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم وحدوث نوع التباس واستغراب لديهم أزاله تعليم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهم، وهذا يدل على أن حصول هذا الاستغراب لا يستوجب بمجرده ترك القراءة بالقراءات القرآنية المتواترة.
وتابعت: ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: أَقرأَنِي جبريلُ عليه السلامُ على حَرفٍ واحِدٍ، فراجَعتُه، فلم أَزَل أَستَزِيدُه ويَزِيدُنا حتى انتَهى إلى سَبعةِ أَحرُفٍ، وفيهما عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت هِشامَ بن حَكِيمٍ يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فاستمعتُ لقراءته، فإذا هو يقرأ على حُرُوفٍ كثيرة لم يُقرِئنِيها رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكِدتُ أُساوِرُه في الصلاة، فتَصَبَّرتُ حتى سَلَّمَ، فلَبَّبتُه برِدائه، فقلتُ: مَن أَقرأكَ هذه السورةَ التي سمعتُك تَقرأُ؟ قال: أَقرأَنِيها رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلتُ: كَذَبتَ؛ فإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أَقرأَنِيها على غير ما قرأتَ، فانطَلَقتُ به أَقُودُه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلتُ: إنِّي سمعتُ هذا يقرأُ سورةَ الفُرقانِ على حُرُوفٍ لم تُقرِئنِيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهشام: اقرأ يا هشامُ، فقرأ عليه القراءةَ التي سمعتُه يقرأُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كذلكَ أُنزِلَت، ثم قال: اقرأ يا عمرُ، فقرأتُ القراءةَ التي أَقرأَنِي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كذلكَ أُنزِلَت، إنّ هذا القرآنَ أُنزِلَ على سبعةِ أَحرُفٍ، فاقرَؤُوا ما تَيَسَّرَ مِنه واللفظ للبخاري، وزاد مسلم: قال ابنُ شِهابٍ: بَلَغَنِي أنّ تلكَ السَّبعَ الأَحرُفَ إنّما هي في الأَمرِ الذي يكونُ واحِدًا لا يَختَلِفُ في حلالٍ ولا حرامٍ.