عام من حكم مرسي
انتهى السباق الرئاسى بين مرسى وشفيق بفوز مرسى، شعرت بحالة انقباض وألم على ضياع ثورتنا، وتحمل كل مرشحي الرئاسة المحسوبين على الثورة تلك الخسارة، فقد كانت النرجسية تطغى عليهم، وخدعتهم الجماهير التي تقف أمام ناظريهم، واستطاعوا تفتيت أصوات الثائرين، لينتهى أمرنا بالمقاطعة أو بعاصرى الليمون الذين انتخبوا مرسي نكاية في شفيق.
كانت الجماعة في حالة هيستيريا، غير مصدقين أن حكم مصر قد تحقق لهم، وأنهم لن يفرطوا فى تلك الفرصة أبدًا، وأنهم جاءوا ليحكموا 500 عام، ومن هنا بدأ مسلسل السقوط باستحوذهم على جميع السلطات في أيديهم.
وفي ميدان التحرير أمام أنصاره المحتشدين أقسم مرسى اليمين وأطلق الوعود والتعهدات، ثم ذهب إلى المحكمة الدستورية ليقسم اليمين الدستورية ويحصل على الصك بأنه الرئيس، وحلف اليمين مرة ثالثة داخل القاعة الكبرى فى جامعة القاهرة، ولو طال لحلف اليمين لكل من يقابلة وهو يردد أنا الرئيس، أنا القائد الأعلى، أنا الإخوان وأنا المرشد ونسى أن يقول أنا الإستبن رحمه الله.
كان لا يحس بالأمان هو وجماعته وأن هناك من يتربص بهم ويعد لهم المكائد ليفشلوا في مهمتهم، فبدأ بالتخلص من كل رجال الاتحادية القدامى ومن أطلق عليهم الفلول، والاستعانة بعشيرته، مثال أسعد الشيخة وخالد القزاز وياسر علي وأيمن هدهد وأحمد عبد العاطي وعصام الحداد والشاطر ومكتب الإرشاد وغيرهم من رجالات المرشد، وانصاع مرسى لكل ما يأتيه من المقطم.
كان مسلسل تصفية الحسابات على حساب الوطن أولويتهم الأولى، والغدر سمتهم حتى لأقرب من ساندهم كحزب النور عندما أطاح بوزير البيئة خالد علم الدين سريعا واتهمه بتهم فساد، واستقالة بسام الزرقا مساعد رئيس الجمهورية بعد أن وصل الخلاف إلى آخر نقطة، وهكذا لم يعد في المشهد سوى الإخوان وفقط، وما عداهم خونة يريدون إفشال مشروع نهضتهم المزعوم.
وكان حادث رفح الإرهابي فرصة لاستكمال مسلسل تصفية الحسابات وبدأ باللواء مراد موافي الذي أحرج مؤسسة الرئاسة وأظهرها أنها كاذبة فكان أول الراحلين.
بعدها كان الغدر بالمشير طنطاوي وعنان وقادة الأفرع بالقوات المسلحة، وهو من كان دائم الإشادة بالمشير اليوم طعنهم في ظهورهم وهو يردد أنا الرئيس المنتخب، ويتهمهم بتهم الفساد والتستر عليه مما جعل القوات المسلحة تصدر بيانًا تعرب عن استيائها من التعرض لقادتها.
ثم دخلت الجماعة على القضاء وتصفية حساباتها مع النائب العام الذي تم إصدار قرار بتعيينه سفيرًا لمصر بالفاتيكان، وبدأ الصدام مع المجلس الأعلى للقضاء ورفض هذا القرار الذي انتهى بعزل عبد المجيد محمود الذي لم يستسلم للجماعة، وأعاد حكم المحكمة له حقه.
والطامة الكبرى من إنجازاتهم في هذا العام الطويل هو الإعلان الدستوري الذى يحصن فيه قراراته ليقول لنا أنا ربكم الأعلى أنا فرعون مصر.
ثم كان الدستور الذي صدر بين ليلة وضحاها ونحن نشاهد هذا العبث الذي يقولون عليه دستور لكل المصرين إنما كان دستورًا لكل الإخوان، وقد أطاح هذا الدستور بأقرب نوابه المستشار محمود مكي نائب رئيس الجمهورية عندما صدر الدستور الجديد بإلغاء مادة نائب رئيس الجمهورية.
واستمر مسلسل الإطاحة بالكفاءات ومن لم يصغ لقرارات مرسى أو أحد من أرباب جماعته، كان العزل والإقالة مصيره، وهذا ما حدث مع اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية عندما رفض الانصياع لهم ورفض تدخلهم وعبثهم في عمله بدعوى هيكلة الوزارة، وكذلك اللواء محمد فريد التهامي رئيس الرقابة الإدارية.
وهناك إحصائية كبرى عن أعداد تنتمي للإخوان تم تعيينها في الجهاز الإدارى للدولة، ليس لكفائتهم إنما ليكونوا عيون داخل تلك الأماكن.
في نفس الوقت التي كانت تكتظ مواقع التواصل الاجتماعي من السخرية سواء من قرارات مرسى أو بعد الاستماع إلى خطبة النادرة، وكأنه يقدم برنامج ساعة لقلبك، ناهيك على حركات وإشاراته وأقواله العفوية التي أصحبت كوميكس لكل رواد مواقع التواصل الإجتماعى، مثل مصر غير قابلة للانضغاط، نرجو سلامة الخاطفين والمخطوفين، القرد والقرداتي، وعندما شكر رجال الأمن المركزى دورهم الكبير في ثورة يناير، وباكستان عندما أعطته الدكتوراه الفخرية في الفلسلفة شكرهم على دورهم العظيم فى حرب أكتوبر، فالرجل جائنا من كوكب آخر وهو يردد كله بالحب ولم تنتهي مصطلحاته طوال عام كامل.
كان مرسى رجلًا متناقضًا بشكل فج، يأتى بالشيئ ونقيضه، وحقا ما قاله إحنا جلدنا تخين، ولا أستطيع أن أنسى الاجتماع الخاص بسد النهضة وهو بين حاشيته ويظنوا أن الاجتماع سرى مع أنه كان مذاع على الهواء وخلق فضيحة كبرى، وكذلك احتفاله بنصر اكتوبر وسط قتلة الرئيس السادات كلها مواقف مخزية لم يحترم فيها منصبه ولم يقدر فيها عظمة مصر.
دخل مرسى وجماعته في صدام مع كل مؤسسات الدولة، التي حاولوا العبث بها أو فرض أفراد من أنصارهم عليها، حتى زادت وتيرة النقد ضده، فخرج علينا شاهرًا سيفة كفاية سنة عليكم، وهكذا كانت ترد في صدره وخرجنا نحن لنقول له كفاية إلى هذا الحد، وكانت تمرد ولنا معها لقاء آخر.