القاهرة 24 داخل ملحمة توشكى.. أن تزرع المستقبل بضربة فأس
ما تشهده منطقة توشكى من إنجاز يقف وراءه جهد كبير من المصريين العاملين بهذا المشروع القومي.. بتلك الكلمات عبر الرئيس عبد الفتاح السيسي في تصريحات لـ القاهرة 24 منذ قرابة عام، خلال جولة لعدد من الكتاب الصحفيين بمنطقة توشكى، والتي نظمتها إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة، مشيرا إلى أنه من المستهدف زراعة 4 ملايين فدان خلال مدة زمنية لا تزيد عن عام من وقتها، وهو ما اعتبره الكثيرو ن أمرا صعب المنال، ولكن لا وجود للمستحيل أمام عزيمة المصريين لتحسين حال وطنهم، حيث تخطى المشروع تلك التوقعات..
واليوم.. ومن صحراء توشكى، حيث تتجلى أروع مشاهد العزيمة والإصرار، تقع النقطة الأخيرة من الفرع رقم "4" لترعة الشيخ زايد، الممتدة بطول 50 كم من بحيرة ناصر بالسد العالي إلى مشروع توشكى، تواجه الأرض هناك تحديًا جديدا، فبعدما تغلبت عزيمة المصريين على جبل ضخم من الجرانيت يبلغ عرضه 20 مترًا وطوله 9 كيلومترات، استلزم اختراقه 3 ملايين طن من المتفجرات حسبما أشار الرئيس عبدالفتاح السيسي كأحد أسباب توقف المشروع في العام قبل الماضي، نجحت تلك العزيمة في صناعة المستحيل وكساء الرمال بزراعات القمح والنخيل والعنب والمانجو، بأجود الأنواع التي يلهث وراءها المستورد الأجنبي، أاملا في تحقيق فائض من العملة الأجنبية التي تعين الوطن بأكمله في استمرار مسيرته نحو التنمية.
تحديات وأمل
شاهد المصريون الرئيس السيسي في 15 مارس 2019 وهو يغرس شجرة نخيل، آملين أن تكون باكورة الخير لمزرعة النخيل المخطط لها أن تكون الأكبر في العالم. اليوم، بعد مرور أربع سنوات، أتى وقت الحصاد، أشجار النخيل تمتد بصفوف مرتبة، وتحمل أصنافًا متعددة من التمور.
والتقى القاهرة 24 بالمهندسين والعمال والفنيين الذين يواصلون العمل ليل نهار في مشروع توشكى، تحدثنا مع أحد العاملين بمشروع النخيل، والذي أتى من محافظة أسيوط للعمل في المشروع بعد مشاركته في مشروع شرق العوينات، لينتقل إلى توشكى عقب ذلك، حيث يعمل في مزارع النخيل، والذي أكد أن ما يحدث في توشكى يشبه المعجزة، حيث العمل بكامل الطاقة من أجل إنجاح المشروع، خاصة وأنهم قائمون على زراعة عدد كبير من الأنواع المطلوبة في الخارج، والتي تمتاز بجودة عالمية نجحنا في زراعتها هنا في توشكى وتصديرها إلى كافة دول العالم.
وأكد في تصريحاته لـ القاهرة 24، أن جميع العاملين بالمشروع متكاتفون جميعًا لتحقيق هدف سامٍ وهو رفعة هذا الوطن، مشيرًا إلى أن كل نخلة داخل المزرعة تمثل تحديا لكل العاملين هنا وخروج المحصول في أحسن صورة هو الغاية الموجودة في قلب الجميع، ولذلك فعمليات بسيطة كتغطية البلح أو متابعته تتم بدقة عالية لا خوفا من الرقابة ولكن لأن كل شخص في المشروع يعي تماما أهمية ما يفعله.
وتابع: أنا مثلا من أسيوط، وأزور أهلي كل 15 يوم وأظل معهم 10 أيام فقط، ونعمل هنا في ظل ظروف صعبة من حرارة الجو ولكن كل تك الأجواء تزيدنا عزيمة وإصرارا على تخطي التقديرات المتوقعة من الشركة.
ومن نفس المشروع، يؤكد أحد المهندسين أنهم يعملون فقط دون التباهي على السوشيال ميديا، مؤكدًا أنه يخطط للانتقال إلى العيش هنا ولكن في انتظار اكتمال كامل البنية من المدارس والمستشفيات، وسينقل أهله بالكامل حيث المستقبل الواعد، على حد قوله.
إنجازات ميدانية
كما زار محرر القاهرة 24 مزارع الفاكهة داخل توشكى، والتي تنتج أحد أجود أنواع العنب والمانجو والتمور، حيث كان من المخطط زراعة 2.5 مليون نخلة على حوالي 40 ألف فدان، نجحنا حتى الآن في زراعة مليون و600 ألف فدان وجار استكمال المستهدف سواء من ناحية الإثمار أو أعداد النخيل.
وتابع: نحن في مصر نعد من كبار الدول التي تنتج التمور، ولكن لا نصدر بأرقام كافية، وهو ما نعمل على محاولة كسره والوصول إلى معدلات عالية أملا في تحقيق معدلات اقتصادية ومالية عالية، ولذلك زرعنا 44 صنفًا من أجود الأنواع العالمية.
كل تلك الزراعات جاءت بفضل محطة الرفع الرئيسية، لدعم 59 محطة فرعية، حيث إن الشركات عمل بها نحو 30 ألف عامل وفني ومهندس.
إحياء مشروع توشكى
بدأت مصر في إعادة إحياء مشروع توشكى ضمن خطة الدولة لإطلاق عدد من المشروعات الكبرى، تنفيذًا لبرنامج الرئيس السيسي لاستصلاح مليون فدان.
وزار المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء حينها، المشروع في 23 يوليو 2014، للتعرف على المشاكل التي تواجهه، بعد قرار الرئيس بالبدء الفوري في استكماله.
زراعات متنوعة
توسع القاهرة 24 في استعراض مختلف الزراعات في توشكى مثل مزرعة العنب، مزرعة المانجو، وزراعات الليمون، حيث ينتج كل فدان من العنب ما بين 6 إلى 7 أطنان، وتنتج كل شجرة ليمون ما بين 80 إلى 90 كجم من الثمار.
وأكد اللواء توفيق سامي، رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية، أن مهمتهم الأساسية هي زراعة الأراضي التي لم تُزرع من قبل، مشيرًا إلى أن مهمتهم الدقيقة هي متابعة المخطط وتنفيذه بدقة. شدد على الحفاظ على المياه المستخدمة في توشكى، مؤكدًا أنهم يخططون لزراعة ما يزيد عن 500 ألف فدان من القمح في الموسم الجديد، مع زيادة سنوية بمتوسط 150 ألف فدان.
توشكى، بكل تحدياتها وإنجازاتها، تعد نموذجًا للتنمية الزراعية الطموحة في مصر، ومثالًا حيًا على ما يمكن تحقيقه بالإرادة والعزيمة.