انتخابات أمريكا.. الفيل والحمار وعربي متفرج
بخطوات مثقلة أطل علينا الرئيس الأمريكي الديمقراطي الأكبر سنًا في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن والذي يتخذ حزبه من الحمار رمزًا في الانتخابات الرئاسية، في مواجهة الفيل الجمهوري المتمثل في سابقه دونالد ترامب الذي يصغره بثلاث سنوات فقط، يستعرض كل منهما رشاقته الرقيقة، وقواه العقيلة للحصول على فرصة جديدة للجلوس على كرسي المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، وشغل سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، أكبر اقتصادات العالم، والقوة العسكرية الأضخم، وشرطي الديمقراطية على وجه البسيطة.
لنجد أنفسنا يجتذب كل منا كرسيه ويجلس لمتابعة ما يمكن أن تصل إليه المناظرة وما ستمسه في الوطن العربي المكلوم في غزة التائهة في غيابة الجب أمام ترسانة عسكرية إسرائيلية غالبيتها تأتي بتوقيع من زعيم واشنطن، لكن يبقى السؤال ماذا يريد الأمريكيين أنفسهم؟
بايدن العجوز راح يظهر نفسه أنه يتمتع بدهاء سياسي في مواجهة عجرفة العجوز الآخر ترامب، وقدرة جسدية تمكنه من الاستمرار في الرئاسة حتى بلوغ 86 عامًا، إلا أنه ما إن فتح فاه انهار به لسانه في براثن متابعيه ومؤيديه من أمريكا، ومشاهديه في الوطن العربي.
صاحب رمز الحمار الانتخابي بدا كرئيس طاعن في السن ضعيف الذاكرة ذا صوت شاحب، غير قادر على ترويض النسر الأمريكي الجامح عالميًا، وفي المقابل ترامب صاحب رمز الفيل الانتخابي حرص على الظهور كمنضبط ومسيطر على تصرفاته وردوده وجدير بالعودة للبيت الأبيض، لكن الناخبين الأمريكيين يعلموا أن شروط الرئاسة لا تشمل الأداء المسرحي، فترامب لا يحظى بنضارة الشباب أمام بايدن.. كلاهما شائخ.
الناخب الأمريكي لا يشغل باله كثيرًا قدرات الرئيس العقلية والجسدية بقدر ما يشغله ما يوفره الرئيس من قدرات مالية في جيبه، وبقدر ما يوفره من خدمات صحية وقانونية واجتماعية. ونحن العرب ننظر إليهم لنرى.
في كل موسم انتخابي تبرز قضايا وهواجس تشكل اهتمامات الناخبين الأمريكيين وبوصلتهم في اختيار مرشحهم. هي قضايا تتكرر في كل انتخابات. أهما حاليا الاقتصاد وما يشهده من تضخم وفائدة مرتفعة تمس جيوب الأمريكيين، وهو ما تلقفه ترامب وحزبه الجمهوري الذي جعل من الاقتصاد أساسًا لحملته الانتخابية متسلح بأفضلية يتمتع بها الفيل الجمهوري (رمز الحزب) اقتصاديًا، فيما مثلت قضية الإجهاض أولوية لدى الحمار الديمقراطي (رمز حزب بايدن) فقد جعل الحزب منها ركنًا من أركان الحملة الانتخابية، لكسب أصوات المرأة الأمريكية القلقة من مسعى الجمهوريين لحظر أمر تمتعت به قانونيًا لنحو 5 عقود. لكن أين نحن العرب وأين غزة من بايدن وترامب؟
ياعربي.. بايدن وترامب على المسرح الانتخابي، أبرز كل منهم دعمه الأبدي لإسرائيل وجعلها قوة غالبة في الشرق الأوسط وتقديم أكبر دعم لها، بل وحمايتها والحرب لها إن استدعى الأمر ذلك، في مواجهة أي خصم سواء حماس أو إيران أو غيرهما، وتوفير وتمهيد لها المزيد من اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية، ليس لأجل العرب، ولكن لتوفير السلام للإسرائيليين رغم كل شيء. بايدن العجوز راح يتغنى بما ألقاه علينا مما وصفه مبادرة لوقف إطلاق النار (رغم ما بها من إتاحة لإسرائيل لاستئناف القتل ضد الفلسطينيين عقب خروج الأسرى والمحتجزين)، وترامب العجوز إلا 3 سنوات (الفارق العمري بين بايدن وترامب) تهرب وراوغ الحديث عن إمكانية إقامة دولة فلسطينية وتبادل كل منهما الاتهام بمن يريد وقف إطلاق النار لصالح إسرائيل ومن لا.. وأنا العربي جالس متفرج.
سعى كل منهما لاستفزاز الآخر لكسب نقاط ثقة لدى الناخبين الأمريكيين قبل المؤتمر الوطني لكلا الحزبين لاختيار المرشح النهائي للمنافسة على كرسي رئاسة أمريكا بروز انتخابية تتمثل في الفيل والحمار، كلاهما وصف الآخر بالكذب والتضليل والخرف والجريمة. واتفقا على مواجهة بينهما في رياضة الجولف لإثبات القدرة الجسدية على رئاسة أمريكا (اكسب الجولف تكسب أمريكا). فهم من يختارون لا نحن، هم من يقررون ونحن نوافق ونتقبل ونعلق ونشاهد ما يجري بأيادي أمريكا ويمس كل جوانب حياتنا في الوطن العربي، لا نحن، نحن متفرجون فقط.
فاستمتع.
- يأخذ الحزب الجمهوري اللون الأحمر والفيل رمزًا له في الانتخابات.
- يأخذ الحزب الديمقراطي اللون الأزرق والحمار رمزًا له في الانتخابات.