الإفتاء: لا ينبغي للمرأة التسرع في طلب الطلاق بسبب الحكم على زوجها بالسجن
ردت دار الإفتاء على سؤال ورد إليها نصه: ما حكم طلب الزوجة الطلاق بسبب دخول زوجها السجن؟، حيث يوجد زوج محكوم عليه بالسجن المشدد ولزوجته منه أولاد، وقد مضى من مدة سجنه عدة أعوام؛ وهي لم تعد تستطيع الحياة على هذا النحو ماديًّا ونفسيًّا وجسديًّا، فماذا تفعل، وهل يحق لها طلب الطلاق؟.
الإفتاء: لا ينبغي للزوجة أن تتسرَّع في طلب الطلاق بسبب سجن زوجها
وقالت الإفتاء في فتوى سابقة: لا ينبغي للزوجة أن تتسرَّع في طلب الطلاق بسبب الحكم على زوجها بالسجن، وخاصة إذا كان بينهما أولاد، فإذا ما وصل الحال بها إلى عدم قدرتها على تحمل ذلك الوضع؛ كان لها أنْ ترفع أمرها إلى القضاء؛ فقد أقام الشرع الحنيف القضاء للفصل بين العباد ورفع الضرر عن المتضررين.
وأضافت: العلاقة الزوجية السليمة أساسها في الشرع الحنيف على المعاشرة بالمعروف من كلا الجانبين، ومن المعروف مراعاة ظروف كلا الطرفين للآخر؛ يسرًا وضيقًا، صحةً ومرضًا، قوةً وضعفًا، في حضرٍ أم سفرٍ.. إلخ؛ قال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: 19]، وكل معروف أوجبه الشرع الحنيف على المرأة لزوجها؛ أوجبه كذلك على الرجال لزوجاتهم، فقال عزَّ وجلَّ: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 228]؛ أي: في حسن العشرة، وحفظ بعضهم لبعض، وتقوى الله فيه، والآية تعم جميع حقوق الزوجية.
حق الزوجة في طلب الطلاق بسبب دخول زوجها السجن
وتابعت: لما كان الشخص المسجون ممنوعًا بحكم القضاء أو بقرار الجهات المختصة من التصرف بنفسه، والخروج إلى أشغاله ومهماته الدنيوية والاجتماعية؛ فإنَّه من مقتضيات المعاشرة بالمعروف، أن تراعي الزوجة ظروفه، وأن تصبر عليه؛ وفاءً لحقه عليها، وشدًّا لأزره في محنته، ولمصلحة الأولاد وعدم تشتتهم بينهما، إلى غير ذلك من الجوانب الحسنة للزواج، ومقصود الشرع من إقامة حياة مستقرة بين الزوجين.
وأكملت: ومع هذا فقد أباح الشرع لها -أي الزوجة- طلب الطلاق إذا ما تضررت من ذلك؛ لما تقرر شرعًا أنه: "لا ضرر ولا ضِرَار" و"الضرر يزال"؛ كما في "الأشباه والنظائر" للسيوطي (ص: 83، ط. دار الكتب العلمية)؛ فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «قَضَى أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» رواه ابن ماجه في "سننه"، وهي قاعدة تحول مراعاتها بين الإنسان وبين كل ما يمكن أن يسبب له الضرر، وإزالة الضرر هنا لا تتم إلا بعودة الزوج -وهو غير ممكن؛ لوجوب قضاء المدة المحكوم بها عليه- أو التفريق بينهما.