حتمية 30 يونيو
استمر مسلسل انتهازية الإخوان، وأصبح واضحا أن مرسي ليس رئيسا لمصر إنما لأهله وعشيرته، تحاط به جموع غفيرة من أنصاره في كل محفل ليصفقوا على الهراء الذي يقوله، متناسيا الشعب الذي يعيش أزمات عديدة، وباتت المشاكل تحاصر المصريين، والحكومة عاجزة عن الحل، ومسلسل الإقصاء لا يتوقف، ولم يستطع الوفاء بتعهداته، وكأن مشروع النهضة الذي أطربوا به مسامعنا كان خدعة كبيرة، وهم يعيشون في خيالاتهم أن المؤامرات ضدهم لا تنتهى، متناسيين أفعالهم كحدث وزير الثقافة الإخواني الذي جعل الفنانين والمثقفين يعتصموا ضده، وتناسوا حصارهم مدينة الإنتاج الإعلامي، وتهديدهم بالاغتيال لعدد من الرموز الإعلامية بواسطة أنصار حازم أبو إسماعيل، وكذلك حصارهم للمحكمة الدستورية، ودخلوا في حالة عداء واضح ضد المصريين، وزادت حدة الانقسام بين الشعب، وبات واضحا أنهم شعب وكافة المصريين شعبا آخر.
وزاد غيهم وتكبرهم بعد أن حصلوا على وعودهم من آن باترسون السفيرة الأمريكية، وأنها مع شرعيتهم، ووقف على الجانب الآخر القضاء والجيش والشعب وكافة مؤسسات الدولة باتت ضد غطرستهم.
وبدئوا في حبك مسلسل مفضوح كما فعلوا حين الإطاحة بالمشير طنطاوي ورئيس أركانه وكبار قادة القوات المسلحة، بصنع حادث جديد في سيناء، ليتم الإطاحة بهم ومعهم وزير الداخلية فى خطوة واحدة.
ورغم كل التحذيرات التي أعلنها الفريق السيسي وقتها، وما قامت به جبهة الإنقاذ، وخروج المظاهرات ضدهم مع كل حدث ضد الشعب، إلا ان المكابرة كانت سمتهم، واعتقد أن ميلشياته ستقف في وجه الجيش والشرطة والشعب وكل مؤسسات الدولة، فرسم الخطة للقضاء على الجميع، وتصور نفسه محمد على باشا، وسيبيدهم في مذبحة قلعة جديدة ليخلوا لهم الطريق وحدهم.
ويوم خطابة قبل الأخير جميعنا يتذكر أنه سوف يقول ديليسبس كأنها كلمة السر لينتفض رجالة للقبض على كل الكبار المجتمعين لسماع خطابة، وينتهى كل شيء، وظهر السيسي واضحا طوال الخطاب ولسان حاله يقول لقد أخطأت سيادة الرئيس، لقد نفذ رصيدك، وعليك تحمل كل ما سيحدث لك، في الوقت التي انتشرت فيه قوات الجيش في الأرجاء لتفسد عليهم أي خطوة غدر قادمة من جانبهم.
فما زلت أتذكر ليلة الرابع من ديسمبر 2012 وما قبلها وبعدها من أحداث الاتحادية، وقت أن قررنا أن نتظاهر أمام القصر، وتم إعداد الحشد لذلك الحدث، وليلا اطمئننا أن كل شيء يسير بشكل سلمى، وتم إجباره على الخروج مذعورا من الاتحادية، تم القرار أن تكون هناك خيمة بشكل رمزي أمام الاتحادية للدلالة على أن حكمه غير مقبول، وهذا ما حدث ليلا في وقت متأخر من الوقفة الاحتجاجية.
ولكن فى اليوم الثاني الموافق 5 من ديسمبر كانت الكارثة، هجوم من حشد الجماعة على الأعداد الصغيرة منا أمام القصر، وتقولوا علينا كل الأكاذيب، وتم اختطاف مجموعة من الزملاء وتعرضوا إلى التعذيب والقهر، ناهيك عن العنف المعهود من الجماعة ضد كل من يقف فى طريقها، غير الشهداء الذين سقطوا جراء هجومهم العنيف، فقد طلب مرسي من قائد الحرس الجمهوري فض الاعتصام بالقوة مهما كانت النتائج، ولكنه رفض أن يدخل في مواجهة تكون آثارها كبيرة مع المعتصمين، وأنه يقترح الفض السلمي، والمعتصمين متشبثين بموقفهم لابد من التراجع عن الإعلان الدستوري، وأمام رفض اللواء محمد زكي فض الاعتصام لجأ مرسى إلى الدعوة لحشد أنصاره عن طريق المرشد فكان الصدام الدموي في الاتحادية وما سبق أن ذكرناه، وقتها كنا على يقين من انتهاء حكم الجماعة، وبدأ مسلسل العد التنازلي لنظامهم.
لذا تخيل الإخوان أن مصير تظاهرات 30 يونيو سيكون مصيرها مثل ما حدث للمتظاهرين في الاتحادية، وإن كانت تمرد لديها الجرأة فعليها مواجهة تجرد، وخرج عاصم عبد الماجد وطارق الزمر وغيرهم يتوعدوننا بالسحق للمتمردين “الثوار ضد مرسي"، وأن الشرعية دونها الدماء.
لقد كانت 30 يونيو ضرورة حتمية لتصحيح الأوضاع المغلوطة، وتمهيد الطريق لبناء جمهوريتنا الجديدة، ودفعنا الثمن غاليا من دماء أبنائنا من الجيش والشرطة، حتى تم القضاء على إرهابهم فى سيناء وربوع مصر، وعاد الأمن والأمان والاستقرار للوطن، ودخلنا مرحلة جديدة من فتح كل الملفات التي تؤرق المصريين، فتم القضاء على العشوائيات، وبناء مدن جديدة، ومساكن للمصريين، والسعي لتحقيق الحياة الكريمة، وتقديم آلالاف المبادرات التي استفاد منها المصريين جميعا، تكافل وكرامة، وبرنامج حياة كريمة، ووقت ازمة كورونا، والتوسع فى المساحات الزراعية، ومبادرة ابدأ لنهضة الصناعة، ومشاريع قومية عملاقة، وخطوات جادة وقوية للخروج من عنق الزجاجة الى تحقيق الرفاهية للشعب.
صحيح هناك أزمات نعيشها الآن بسبب إجراءات الإصلاح الاقتصادي، وبسبب أزمات خارجة عن إرادتنا من فيروس كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، وحرب غزة، وتأثير الحرب على قناة السويس، أزمات متتالية نحاول بجدنا وبكل تكاتفنا المرور من أزماتنا المتلاحقة.
لكن ينبغي أن نفهم أن لا اقتصاد بدون سياسة، فيجب فتح المناخ السياسي، وأن تكون الحكومة القادمة على نفس تطلعات أحلام المصريين، وقادرة على تخطي أزماتنا بحلول مبتكرة، وأن نكف عن الاقتراض ونتوسع فى الصناعة وتسهيل سبل الاستثمار، وتنفيذ رؤيتنا الوطنية والاستراتيجية 2030، وكل مخرجات الحوار الوطني، والتوصيات التي خرجت من المؤتمر الاقتصادي، والاستعانة بالكفاءات، وتجاوز كل السلبيات للمضي قدما الى الجمهورية الجديدة، وليدرك الشعب أن معاناته لم تذهب سدى.
فالشعب الذي تحمل الكثير على استعداد لتحمل المزيد من الأعباء، لكن المردود يجب أن يكون إيجابي وينعكس على حياتهم.
نحن أصحاب إرث حضاري وتاريخي كبير، ونمتلك كافة مقومات النجاح، يبقي الإرادة والعمل لنصير قد الدنيا.
تحيا مصر قوية ناهضة بعزيمة أبنائها وتماسكهم.