حدثني الأزهري.. المستشار الذي أصبح وزيرًا
كيف يصنع قبح الخطاب الديني الإلحاد؟
لماذا الهرم الأكبر منتج ديني؟
لماذا يرفض فكرة المنع والحجب؟
إعادة وصف عبارة المصري مؤمن بطبعه
بالتأكيد سأكون كاذبًا إن رفضت الإقرار بمكانة الشيخ أسامة الأزهري لدى رئيس الجمهورية، وأن ثمة قناعة خاصة من الرئيس عن الشيخ، وكيف أرفضها وقد صعد الأزهري في سنوات حكم الرئيس إلى مكانة خاصة جدًا، والحقيقة لم يأخذ الرجل ما يزيد عن حقه وعلمه على الإطلاق، ولم ينتقص شيئا من حق الآخرين، ولا يطلب، ولكن يحب أن يُطلب هو للمهام، وتعددت الأسباب التي جعلت لهذا الرجل مكانة خاصة لدى الرئيس.
في العام 2014 وصل الرئيس السيسي إلى الحكم، ومن أشهره الأولى أظهر اهتمامًا بالغًا بقضايا الفكر الديني ومواجهة التطرف الإسلامي، واهتمامًا بتجديد الفكر الديني وخطابه المتحجر الذي ساهمت في تكوينه للأسف مؤسسات دينية رسمية، وأمام كل هذا تحرك الرئيس ولكن الرئيس نفسه فوجئ بجمود لدى المؤسسة الدينية الموجودة ورفض منها على استحياء لجهود التجديد.
شعرت المؤسسة الدينية بنوع من القلق على نفسها وخشيت تمامًا من أن تتهم بالخضوع والتبعية للحاكم، وفضلت في المقابل أن يستمر الجمود الفكري والتحجر وتغذية التطرف، وفي داخل المؤسسة كان هناك أشخاص معلومون لنا جميعًا هم المسؤولين عن حركة الرفض، بل والتشديد على الرجل الأول فيها بالعند في هذا الأمر وعدم الاستجابة لأهون الجهود.
في المقابل كان الشاب الأزهري يتحرك بنشاط واسع في مصر وخارجها، يفكر ويكتب ويناقش كل الطروحات الدينية، يبحث في التجديد والطريق إليه والجمود وكيف نقضي عليه، ولذلك كان هو الأنسب لمنصب المستشار الديني في الهيئة الاستشارية التي شكلها الرئيس في 2014.
واصل الأزهري طريقه ولم يكتفِ بمنصب مستشار الرئيس، بل تحرك في الخارج بكل أريحية يعقد المناظرات والندوات ويواجه الفكر بالفكر ويمارس دورا كنا في حاجة إليه بالفعل، وفي المقابل كانت كراهية الرجل في مؤسساتنا الدينية تتصاعد، وليس لها سبب في رأيي إلا أن الرجل قد أحرجهم جميعًا.
قطع خطوات عدة وأصبح الرجل الأول في مشروع ضخم هو مركز مصر الثقافي الإسلامي في العاصمة الإدارية، والآن قطع الطريق إلى مقعد الوزير بدلًا من وزير كان الأقدم في الحكومة.
التقيت الأزهري للمرة الأولى في حوار صحفي ناقشت وآخرون الرجل في كل شيء، لم نكتفِ بملف واحد أو محور وحيد ولكن تعددت المحاور، حدثني عن الإلحاد وعن الشخصية المصرية ومكوناتها التسعة، ومتى سافر للخارج أول مرة، وكيف تم استقباله في مختلف دول العالم؟ وأكثر رحلاته اندهاشا من نتائجها، وكيف يُحصّل العلم، وكيف يوازن بين الدين والدنيا لدرجة أنه يذهب إلى الجيم يوميًا ويمارس الرياضة.
سألنا عن المؤسسة فتحدث هو عن فجوة كبيرة بين كل الجهود المبذولة من المؤسسات الدينية وتيارات التطرف، فما زال الفراغ أكبر وأوسع، وعلى وجه الأخص دق ناقوس الخطر ونبه المؤسسات الدينية لمواقع التواصل الاجتماعي التي تعد الميدان الحقيقي الآن لنشر أفكار التطرف، فما عاد بإمكان أي متطرف أو داعشي الوجود على أرض الواقع، لكن مازال موجودا بقوة في العالم الافتراضي ومواقع السوشيال ميديا.
يؤمن هو أن المؤسسات الدينية مؤتمنة على الدين والعلم، وينبغي أن يكون هناك وجود ومواجهة حقيقية، وأن يكون لكل مؤسسة منصة رسمية يتابعها تيار واسع من الجمهور، ولكن حتى الآن يوجد تعثر في وجود الكوادر المناسبة لتغطية هذا الجزء، كما أن التنسيق بين المؤسسات الدينية مهم لكي تكون هناك خريطة واحدة واضحة تحدد معالم الخطر.
أما عن التراث فحدثني بأن بعض الأمور في التراث تحتاج إلى معالجة، كما أن هناك بعض الاستغلال والتضخيم والتشويه من هذا المدخل، والتعامل مع التراث ينبغي أن يكون له منهج.
لا يميل إلى أي حجب أو منع لأي صاحب رأي، ومقتنع بأن فكرة المنع والحجب على الرأي لم تعد تناسب العالم، إنما الحل الحقيقي هو مواجهة الفكر بالفكر، وخوض الجدل العلمي النزيه المتجرد من العصبية.
حدثني عن مكونات شخصية الإنسان المصري، فذكر لي أن الإنسان المصري متدين بطبعه تدينا يصنع الحضارة، فعندما بنى الهرم الأكبر الذي هو معجزة هندسية وفلسفية كان الهرم في حقيقته منتجا دينيا دفع فيه التدين الإنسان المصري للإبداع هذا هو التدين المصري.
أما عن الخطاب الديني والإلحاد فشرح كيف كان مهتما بهذا الإشكال منذ سنوات طويلة، وزعم أن لديه حصيلة لمنابع الخطر من أين يأتي: "هناك علاقة جدلية تركيبية شديدة العمق والعضوية، بين التطرف والإلحاد، وأن هناك تناسبا طرديا بين التطرف بصورة تشبه معادلة رياضية، كلما زاد التطرف سيزيد الإلحاد، بل في اللحظة التي سيولد فيها التطرف بأي مجتمع سيولد الإلحاد، معه في نفس اللحظة، ومن أخطر أسباب الإلحاد هو قبح الخطاب الديني الصادر من تيارات التطرف، وأقصد هنا كل من يقدم الخطاب الديني بصورة مليئة بالغضب أو الجدل والصدام والتناقض أو العنف أو حمل السلاح أو القبح هذا، ويتحمل أمام الله عبئا مضاعفا أنه دفع عددا من العقول والنفوس عن الدين".