الإثنين 28 أكتوبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

رياح التغيير الشعبي تهب على إيران وفرنسا وإنجلترا

الثلاثاء 09/يوليو/2024 - 11:41 م

لا شك أن الانتخابات الإيرانية، وفوز المرشح الإصلاحى مسعود بزشكيان فى هذا التوقيت المهم الذى تمر به منطقة الشرق الأوسط فى ظل حرب غزة وما يجرى فى الجنوب اللبنانى، يعطى دلالة خطيرة أن هناك رياح تغيير تهب على المرجعية الإيرانية التى تتحكم فى كل القرارات الإيرانية.

فدعم محمد خاتمى الرئيس الإيرانى الأسبق، والدكتور جواد ظريف أخطر وزير خارجية أفرزته الثورة الإيرانية، يعطى انطباعًا سياسيًا بأن الإصلاحيين فى إيران قادمون خاصة لإعادة المفاوضات فى الملف (مفاوضات 5+1) وإعادة قضية الحجاب مرة أخرى إلى المشهد الإيرانى، وتغييرات داخلية يستشعرها المواطن الإيرانى. 


ولكن الشىء الإيجابى الذى يعترف به الأعداء قبل الأصدقاء هو أن هناك انتخابات حقيقية تمت دون تدخل من المرشد الأعلى أو الحرس الثورى، وأن نتائج الانتخابات أعطت بارقة أمل أن الاعتدال قد يعود إلى المشهد؛ ما ينعكس بشكل مباشر على الشرق الأوسط خاصة القضية الفلسطينية واللبنانية، وما يفعله الحوثيون فى البحر الأحمر، وعلى الشعب الإيرانى بكل طوائفه واتجاهاته الذى أعلن موقفه الثابت والواضح فى رفض الجمود الذى كانت تمر به إيران. 
فتنصيب الرئيس الإصلاحى مسعود بزشكيان رئيسًا لإيران يعطى مؤشرًا أنه رغم الخلافات والاختلافات الأيديولوجية والسياسية، لكن الشعب الإيرانى فرض الحقيقة الغائبة عن المشهد الإيرانى فى المرحلة السابقة. 


فهل تتغير البوصلة السياسية الإيرانية، وتقوم بعودة علاقات حقيقية مع دول الجوار خاصة مصر؟! لكن يجب أن تكون عودة العلاقات مبنية على الشفافية والمصالحة بعيدًا عن الغموض وعدم الوضوح فى كثير من الملفات بين الدولتين الكبيرتين، حتى تكون علاقة مستنديمة وليست مؤقتة، وتعطى للجانب المصرى نوعًا من الاطمئنان، خاصة فى القضايا المرتبطة بالأمن القومى المصرى والعربى. 


وهذا ما أعتقد أننا سنراه فى الفترة المقبلة، مع صعود تيار الإصلاح والاعتدال، إذا كانت لديه صلاحيات حقيقية فى هذ التوقيت المهم والحساس الذى تتشكل فيه معالم خريطة طريق عالمية جديدة، بين الدول والتحالفات الإقليمية والدولية.

وهذ يجعلنا بعد التجربة الإيرانية، نحيط القارئ بما يجرى من تغيير جذرى فى الانتخابات الفرنسية المتربطة بالمشهد الدولى والإقليمى. 


فما جرى فى الانتخابات البرلمانية الفرنسية وقرار ماكرون الذى كان فيه مغامرة سياسية بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، أحدث هزة سياسية فى فرنسا ودول أوروبا، نتيجة عدم التحسب لتصاعد شعبية حزب اليمين المتطرف (التجمع الوطنى)، ما أحدث مفاجأة فى المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية الفرنسية وجعل حزب مارين لوبان اليمينى يحوز غالبية الأصوات فى المرحلة الأولى. 


إلا أن استشعار المواطن الفرنسى الخطورة المتنامية لظاهرة اليمين المتطرف، وأنه قاب قوسين أو أدنى من الفوز بالمرحلة الثانية فى الانتخابات أيضًا، وأنه سيحصل على الأغلبية المطلقة الممثلة فى 289 مقعدًا، فحدث نوع من التوحد السياسى لائتلاف ماكرون «معًا» مع تحالف الجبهة الشعبية اليسارى، والذى يضم أيضًا أحزابًا أخرى، بالإضافة إلى أخطر ظاهرة حدثت، وهى إحساس الجالية العربية والإسلامية بالخطورة خصوصًا فيما يتعلق بملف الهجرة والجنسية إذا فاز اليمين المتطرف، فحدثت المفاجأة فى المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية الفرنسية، وتراجع اليمين المتطرف إلى المركز الثالث، ولم يحصل على الأغلبية؛ ما يعطى مؤشرًا إيجابيًا مؤقتًا، لكن ما زال خطر تنامى اليمين المتطرف قائمًا حتى الآن خاصة فى ظل الصدى الذى أحدثه فوز اليمين المتطرف الفرنسى فى الجولة الأولى داخل ألمانيا وفى بعض العواصم الأوروبية التى أصبحت تشعر بالخطورة من الطوفان اليمينى القادم فى كل أوروبا، لا سيما أن هذا اليمين ينحاز إلى روسيا فى حربها ضد أوكرانيا وقادته على علاقة وثيقة وقوية بالرئيس بوتين، حتى إن رئيس وزراء المجر أعلن أنه لن يستمر فى تقديم دعم لا محدود لأوكرانيا فى حربها ضد روسيا، وبدأت العديد من العواصم الأوروبية تعلن رفضها التبعية المطلقة للشيطان الأكبر الأمريكان؛ لأن من يتحكم فى السياسة الخارجية لأوروبا هو حلف الناتو، والموازنات يحددها البرلمان الأوروبى للدول الأعضاء به، خاصة فرنسا وألمانيا، وفرنسا مثقلة بالكثير من المديونيات والمستحقات المتأخرة عليها؛ ما يؤكد تراجع الاقتصاد الفرنسى ووصوله إلى حالة التقشف وترشيد الإنفاق؛ بسبب سياسات ماكرون غير المدروسة والتى قد تطيح بالقومية الفرنسية التى ظلت ثابتة على مدى السنوات السابقة، وأصبحت الآن فى مكمن الخطر والتغيير. 


وهناك مؤشر آخر على تغير خارطة أوروبا، بل هو مؤشر أكثر خطورة ودلالة، وهو ما حدث فى الانتخابات البريطانية، وإصابة حزب المحافظين بهزيمة تاريخية لم تحدث منذ أكثر من 200 عام وحصوله على 120 مقعدًا فقط، فى مقابل حصول حزب العمال على 412 مقعدًا فى مجلس العموم البريطانى. 


فكانت هناك كتل تصويتية مهمة دعمت حزب العمال فى الانتخابات المحلية التى سبقت الانتخابات البرلمانية، وهذه الكتل التصويتية تشكلت نتيجة إحساس المواطن البريطانى بالخطر الدائم على مصيره السياسى وصعود حزب إصلاح بريطانيا الذى يمثل اليمين المتطرف الإنجليزى، فخرجت هذه الكتل التصويتية التى تضم العرب والمسلمين والمهاجرين الأجانب، وأحدثت انقلابًا تصويتيًا وتصويتًا عقابيًا لرئيس حكومة المحافظين ريتشى سوناك وأعضاء البرلمان، وكانت قضية غزة وفلسطين محورًا خطيرًا ورئيسيًا أثناء الحملات الانتخابية، وأصبح الناخب البريطانى مهددًا فى تعبيره عن رأيه، وتراجع الخدمات اللوجيستية خاصة فى مجالى الصحة والتعليم، وإحساسه بالتبعية المطلقة للسياسة الأمريكية، وتخوفه أن تزداد الكوارث السياسية إذا وصل تراب إلى حكم الولايات المتحدة فى نوفمبر المقبل.. فاختار الناخبون حزب العمال لكل الأسباب مضافًا إليها أن ترامب بينه وبين رئيس حزب العمال كير ستارمر خصومة سياسية. 
فهل تتغير المواقف البريطانية فى المرحلة المقبلة أم ستسير فى فلك السياسة الأمريكية كالعادة؟! 


كل هذا يجرى فى أسابيع التغيرات السياسية التى يشهدها العالم، وإيران، وبالتزامن مع حلف الحكومة المصرية الجديدة اليمين الدستورية.. فهل تحدث عاصفة من التغيير فى المرحلة المقبلة إرضاءً للمواطن أم ينقلب الموقف السياسى على رئيس الوزراء وحكومته، إذ لم تقم الحكومة بإنجاز حقيقى لصالح المواطن المصرى؟! 


دعونا نقول، إن المشهد غير مطمئن، وإن التفاؤل محفوف بالحذر والخوف من التقلبات السياسية، وإعادة ترتيب البيت العالمى والإقليمى والشرق أوسطى.. فهل تنجو الشعوب بمواقفها ومطالبها من سفينة الحكومات الغارقة فى معظم بلدان العالم؟ 


هذا ما تقوله الإحصائيات والأرقام والتغيرات والمتغيرات فى عالمنا الذى يتجه إلى المجهول.

تابع مواقعنا