زيادة الأسعار المتهم الرئيسي.. تراجع حاد في مبيعات عبوات الأدوية بمصر رغم ارتفاع أرباح الشركات
تولت هيئة الدواء المصرية إدارة ملف سوق الدواء المصري عام 2020، بعد تصديق رئيس الجمهورية على رقم 151 لسنة 2019، بشأن إنشاء الهيئة، ومن ثم أصدر رئيس مجلس الوزراء، القرار رقم 777 لسنة 2020 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون إنشاء الهيئة وذلك في 29 مارس 2020.
تراجع مبيعات الوحدات الدوائية بالسوق رغم زيادة أرباح الشركات
خلال السنوات الأربع الماضية، سجلت قيمة مبيعات شركات الأدوية في السوق المصري، من خلال الصيدليات والمخازن، زيادة في معدلات النمو المبيعات المالية من 92.488 مليار جنيه في عام 2020 لتصل إلى 146.54 مليار جنيه في العام الماضي 2023، وذلك بناء على تقرير مؤسسة أي كيو فيا، المعني برصد مبيعات الدواء في السوق.
وأظهر التقرير الذي حصل عليه القاهرة 24، أنه رغم الزيادة في معدلات نمو قيمة مبيعات شركات الأدوية في السوق المصري خلال السنوات الأربع الماضية إلا أن مبيعات تلك الشركات من الوحدات الدوائية شهدت تراجعا حادا بعد ذروة عام 2021 والتي سجلت أعلى مبيعات من الوحدات الدوائية خلال الفترة المذكورة قدرها 3.15 مليار وحدة دوائية.
وأفاد التقرير بأن عام 2023 الأقل من بين السنوات الأربع الماضية في مبيعات الوحدات الدوائية للشركات في السوق المصري، حيث سجلت 2.92 مليار وحدة دوائية، ما يعني أن مؤشرات النمو في قيمة المبيعات المالية خلال السنوات الـ3 الماضية كانت عكسية مع نمو مبيعات الوحدات.
زيادة مبيعات شركات الأدوية وهمية وسببها تحريك الأسعار
ويرجع سبب زيادة نمو قيمة المبيعات المالية في السوق الدوائي رغم تراجع مبيعات الوحدات الدوائية إلى سياسة هيئة الدواء برفع وتحريك أسعار الأدوية خلال خلال السنوات الأربع الماضية، حيث تعقد لجنة تسعير الأدوية بشكل دوري لدراسة ومراجعة طلبات شركات الأدوية بتحريك بعض الأسعار، وبهذه السياسة عوضت الهيئة خسائر الشركات من تراجع مبيعات الوحدات، وهو ما أوضحه الدكتور حاتم البدوي، أمين عام شعبة الصيدليات باتحاد الغرف التجارية، لـ القاهرة 24.
واعتبر الدكتور حاتم البدوي، أن الزيادة في نمو قيمة المبيعات لشركات الأدوية بالسوق المصرية هي زيادة وهمية، ونسبة ارتفاع المبيعات من 92.48 إلى 146.54 مليار جنيه خلال السنوات الأربع الماضية بنسبة 55% تمثل قيمة الزيادة في الأسعار الأدوية، مؤكدا أن الزيادة الحقيقة والنمو الحقيقي يجب أن يترجم في مبيعات الوحدات الدوائية.
وعلل أمين عام شعبة الصيدليات تراجع مبيعات الوحدات الدوائية بالسوق إلى أمرين، الأول: تراجع القوة الشرائية للمواطن، الثاني: تأثر السوق بالأزمات العالمية ونقص في بعض الأصناف الدوائية، مضيفا أن سياسة هيئة الدواء خلال السنوات الماضية تسببت في تآكل رأس مال الصيدلية 69%، والتي تسببت لهم بخسائر مادية في ظل سياسة التسعيرتين الجبرية، ليصبح الصيدلي والمواطن من يدفعوا ضريبة ارتفاع أسعار الأدوية.
زيادة متوقعة لمبيعات الشركات إلى 200 مليار جنيه نهاية العام.. و5 أسباب لتراجع الوحدات
من جانبه، أكد الدكتور محفوظ رمزي، رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة الصيادلة، أن الزيادة في المبيعات والتراجع في الوحدات الدوائية بسبب زيادة في أسعار الأدوية بشكل رئيسي، ومن المتوقع في عام 2024 زيادة مبيعات شركات الأدوية في السوق لتكسر حاجز الـ 200 مليار جنيه، وعدم تخطي مبيعات الوحدات الدوائية الـ 3 مليارات الوحدات.
وأوضح محفوظ رمزي، لـ القاهرة 24، أن هناك قاعدة في اقتصاديات الدواء تفيد بأن زيادة أسعار الأدوية يتبعها تراجع في الوحدات الدوائية لفترة ثم تعاود للارتفاع مرة أخرى، لكن هذا التراجع المستمر، وفقا للتقرير الدولي، بداية من عام 2022 وحتى عام 2023، نتيجة مجموعة من العوامل، منها:
- انتهاء أزمة كورونا، التي ساهمت في زيادة مبيعات الأدوية في عامي 2020 و2021.
- الأزمة الروسية الأوكرانية في عام 2023، والتي أثرت على سلاسل الإمداد العالمية.
- زيادة أسعار المواد الخام عالميا وكذا الشحن.
- ارتفاع سعر الدولار من 18 جنيها إلى 49 جنيها.
- تراجع القدرة الشرائية للمواطن.
وأكد رئيس لجنة رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة الصيادلة، أن ترجع مبيعات الوحدات لا يعني بالضرورة وجود نقص في الأدوية بالسوق المصري، كما أن الزيادة في السعر ضرورية للإبقاء على الصناعة المحلية ومنعها من التوقف، في ظل زيادة أعباء تكاليف الصناعة عليهم، وكذا الحد من النواقص في السوق.
المصنّع: تراجع مبيعات الوحدات الدوائية غير مهمة ما دام هناك زيادة في الأرباح
ومن النظرة الصناعية والتجارية، أوضح الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية، أن تراجع مبيعات الشركات من العبوات الدوائية نتيجة تراجع القدرة الشرائية للمواطن، وعليه تراجعت الحصة السوقية للشركات الدوائية، مؤكدا أن زيادة قيمة المبيعات المالية يرجع إلى زيادة أسعار الأدوية من قبل هيئة الدواء المصرية، في ظل ارتفاع تكاليف التصنيع.
وفي تصريح خاص، أضاف الدكتور علي عوف، أن عوامل زيادة تكاليف التصنيع هي الرسوم المفروضة على الشركات من هيئة الدواء المصرية، وعدم وجود تسعير عادل للأدوية، ارتفاع أسعار الدولار، والتضخم، وارتفاع أسعار المواد الخام، مشيرا إلى تراجع مبيعات الوحدات الدوائية غير مهم، فالأهم بالنسبة للشركات هي زيادة القيمة المالية للمبيعات.
وتابع رئيس شعبة الأدوية بأن: زيادة أرباح الشركات الدوائية لا يعني بالضرورة زيادة المكاسب المالية، مؤكدا أن الشركات تحقق في الوقت حالي مكاسب منخفضة، ولكن هذه المكاسب المالية لم تؤثر على حجم الوحدات المنتجة من قبل الشركة، وتراجع كمية العبوات المنتجة متعلق بتعرض الشركة لخسائر مادية، وهو ما لم يحدث.
هيئة الدواء: حجم مبيعات السوق الدوائي المصري 4 مليارات عبوة سنويا
في ديسمبر الماضي، أصدرت هيئة الدواء المصرية كشف حساب عن 4 سنوات من العمل والإنجازات، أفادت فيه بأن سوق الأدوية المصرية يتمتع بحجم مبيعات يبلغ 4 مليارات عبوة سنويا، وهو عكس ما سجلته مبيعات شركات الأدوية بالسوق، وفقا لتقرير أي كيو فيا الدولي، خلال السنوات الأربع الماضية التي باشرت الهيئة فيها مهامها.
ومع تراجع مبيعات الوحدات، أكدت هيئة الدواء المصرية، في نفس التقرير السابق، أن عدد مصانع الأدوية المرخصة ارتفع من 130 مصنعًا في عام 2014 إلى 191 مصنعًا الآن، بزيادة نمو تبلغ 37%، كما ارتفع عدد خطوط الإنتاج من 500 خط إنتاج في عام 2014 إلى 799 خط إنتاج الآن، بزيادة نمو تبلغ 60%.
وتواصل موقع القاهرة 24 مع المسئول الإعلامي لـ هيئة الدواء المصرية، الدكتور يس رجائي، ممثل المكتب الإعلامي، للتعليق على ما أظهره التقرير الدولي من تراجع في مبيعات الوحدات، رغم زيادة المبيعات المالية، فضلا عن دور الهيئة لاحتواء هذا الأمر، وتحسين مبيعات السوق من الوحدات الدوائية خلال الفترة المقبلة، ومدى تأثير الزيادة الحالية على المبيعات من الوحدات، لكن لم يتسنى لنا الإفادة بأي تعليق حتى تاريخ النشر.