شيخ الأزهر: جاء القرآن ليؤكد أن محمدًا شقيقُ موسى وعيسى ومن قبلهما من الأنبياء والمرسلين
ألقى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، كلمة حَوْلَ: حـــوار الأديــان والحضــــارات بإنــدونيسـيـا.
شيخ الأزهر: لم يَحدُث قطُّ أن قاتَلَ المسلمون غيرَهم لإجبارِهم على الدُّخولِ في دِينِ الإسلامِ
وقال شيخ الأزهر خلال كلمته: إن الإسلامَ الذي أنتمي إليه وأعتنقُه دِينًا، يهدِي إلى الحقِّ وإلى صِراطٍ مستقيمٍ، قد كُتِبَ عليه في الحِقْبَةِ الأخيرةِ أن يُوضَعَ في قفصِ اتهامٍ جائرٍ ظالمٍ، وأُرِيدَ لمعتنقِيه والمؤمنينَ به أن يظلُّوا في موقفِ الدفاعِ وردِّ الفعلِ وصدِّ الهجومِ، وأن يستنفذوا في هذا الاتهامِ الزائفِ جهدَهم وطاقاتِهم وأموالَهم.. والذي أعتقدُه هو أنَّنا إذا كُنَّا جادِّينَ في إقامةِ حِوارٍ مُثمِرٍ، فإنَّ الإسلامَ ليس هو الدِّينَ الذي عليه أن يُثبِتَ أنَّه دِينُ حوارِ، وأنه دينُ تكاملِ الحضاراتِ، وتلاقُحِ الثقافاتِ واحترامِ الآخرِينَ، فهذه الحقائقُ وعشراتٌ أمثالُها يعرِفُها لهذا الدِّينِ مَن يؤمِنُ بِهِ ومَن لا يؤمِنُ به على سواءٍ.
وأضاف شيخ الأزهر: لم يَحدُث قطُّ أن قاتَلَ المسلمون غيرَهم لإجبارِهم على الدُّخولِ في دِينِ الإسلامِ؛ لأنَّ الإسلامَ لا يَنظُرُ لغيرِ المسلمين مِن منظورِ العَداءِ والتوجُّسِ والصِّراعِ، بل مِن منظورِ المودَّةِ والأخوَّةِ الإنسانيَّةِ، وهناك آياتٌ صريحةٌ في القرآنِ -لا يَتَّسِعُ لذكرِها المَقامُ- تَنُصُّ على أنَّ علاقةَ المسلمين بغيرِهم مِن المسالِمين لهم -أيًّا كانت أديانُهم أو مذاهبُهم- هي عَلاقةُ المودَّةِ والبِرِّ والإنصافِ.
وتابع: جاء القرآنُ ليؤكِّدَ أن محمدًا ﷺ شقيقُ موسى وعيسى ومَن قَبْلَهما مِن الأنبياءِ والمرسلين، وأنَّ القرآنَ مصدِّقٌ للإنجيلِ، وأنَّ الإنجيلَ مصدقٌ للتوراةِ، وأنَّ دعواتِ الرُّسُلِ جميعًا اجتمعتْ كلمتُها على أصولٍ عامَّةٍ مشتركةٍ لا يختلفُ فيها نبيٌّ عن نبيٍّ، ولا رسالةٌ عن رسالةٍ، وفي مقدِّمةِ هذه الأصولِ: الدعوةُ إلى توحيدِ اللهِ، وفضائلِ الأخلاقِ، وتحريمُ الإثمِ والظُّلمِ والبغيِ والعدوان على الناس.
وواصل: أزعُمُ أنَّ شُعورَ الكراهِيَةِ الكاسِحَ للنظامِ العالميِّ الجديد ليس وَقْفًا على المسلمينَ والشرْقِيين؛ بل هو شُعورٌ مُشْتَركٌ بينهم وبينَ تيارٍ عَريضٍ مِن حُكماءِ الغربِ ومن أبنائه وشبابه، وهذا ما ظهر لنا جليًّا في وقوف طلاب الجامعات في الغرب مع الشعب الفلسطيني المظلوم في غزة، ومِمَّا يدلُّ أبلغ دلالة على أنَّ نَوازِع الخير وفكرة الخُلُق الإنساني لا تَزالُ على فِطرتِها ومبدئِها الإنسانيِّ الخالِصِ، ولم تتشَوَّهْ بعدُ بأخلاق القوَّةِ والمصلَحةِ والغَرَضِ، وفَلسفاتِ الغايةِ التي تُبرِّرُ الوسيلةَ، أيًّا كان قُبْحُ هذه الوسيلةِ وسُقوطُها في حِسابِ الفضيلةِ ومَوازينِ الأخلاقِ..
وتساءل: هَلْ مِنْ أمَلٍ في أن يُخفِّفَ الغَرْبُ مِن غلوائِه وكبريائِه، ويَتخفَّفَ الشرقُ مِن هواجِسِه وسُوءِ ظُنونِه؛ ليلْتقيَ كلٌّ منهما بالآخَرِ في مُنتصَفِ الطريقِ لقاءَ تعارُفٍ ومودَّةٍ، وتبادُلِ خِبراتٍ ومَنافِعَ، وتعاونٍ حقيقيٍّ من أجلِ سلامٍ دائمٍ وحضارةٍ آمنةٍ؟