هكذا أرى أمر وزير التعليم
منذ الإعلان عن التشكيل النهائي للحكومة الجديدة سارعت أصوات بالهجوم على بعض الأسماء التي تولت حقائب وزارية، دون انتظار تقييم الأداء لكل منهم والذي هو الشيء الأهم في الأمر.
الوزير شخص تقلد منصبا سياسيا يدير من خلاله وزارة معينة، ولا يشترط أي شيء لتولي هذا المنصب سوى أن يكون صاحبه لديه الإمكانيات الذهنية والعقلية ويتمتع بسمعة جيدة، بمعنى أنه ليس ممن تدور حولهم شبهات فساد أو تورطوا من قبل في ذلك، ويظل الأداء هو الفيصل والحكم.
ومن أكثر الشخصيات التي لاقت انتقادا واسعا هو الدكتور محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، إذ شكك البعض في شهادة الدكتوراه الخاصة به وقالوا إنها وهمية أو مزورة، وقد وصل الأمر إلى التشكيك في أن الرجل قد حصل على شهادة علمية من الأساس.
كلام لا يعقل.. ولكن فكرة التربص الدائم جعلته يروج على نطاق واسع واستغل من يقفون خلفه حالة الضيق التي يشعر بها كثيرون بسبب صعوبة الأوضاع المعيشية وقد يتوهم هؤلاء أن الفوضى ستعم، ويحصلون على ما يسعون إليه حتى وإن انهارت الدولة بأكملها، وأهم أدواتهم للوصول لذلك التشكيك في كل شيء، حتى يشعر الناس أنه لا أمل في الإصلاح نهائيا، وبناء عليه لابد من الهدم، وتلك فكرة غير صالحة نهائيا الآن، لأنها تعني الانتحار بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. نعم نريد التغيير ولكن عن طريق الإصلاح وليس الهدم.
وفي خطوة جيدة وشجاعة خرج رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي ليعلن أن شهادة وزير التعليم سليمة حتى وإن كانت غير معتمدة من المجلس الأعلى للجامعات في مصر، وأضاف أن المؤهلات الأكاديمية ليست هي معيار الكفاءة لاختيار الوزراء من الأساس والشرط الوحيد بهذا الشأن هو الشهادة الجامعية، وذلك صحيح جدا وكل من يعي معنى المناصب السياسية يعلم ذلك.
وأيضا حاول البعض السخرية من ذكر أن الدكتور عبد اللطيف حفيد المشير أحمد إسماعيل وزير الدفاع في حرب أكتوبر وصاحب التاريخ الوطني العظيم، وأنه ليس الشيء المهم حتى يتم ذكره، وهذه رؤية خاطئة تماما، ولم يعي أصحاب هذا الرأي قيمة أن يكون الشخص الذي يتولى حقيبة وزارية أو منصبا رفيعا ينتمي لعائلة متحرمة حسنة السيرة لأن مثل هؤلاء في أغلب الأحيان يتمتعون بالأخلاق الجيدة نظرا للمناخ الصالح الذي نشأوا فيه، والبيئة قطعا تؤثر في الإنسان وتصرفاته، وذلك لا يقلل أبدا من شأن أحد مهما كان بسيطا لأن سلوكه الشخصي سيكون عنوانه الأساسي ولا تعارض، ولكن ما العيب في أن يفتخر الإنسان بأصوله ويعتز بها وما الخطأ في أن يكون ذلك محل تقدير، وقد فعله نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وقال أنزلوا الناس منازلهم، وهذا يجعلهم دائما يسعون للارتقاء بأنفسهم مما يصب في صالح المجتمع كله.
ربما يرى بعض من يقرأون كلامي أنني أبالغ أو حتى أجامل ولكنني في الحقيقة ممن يميلون إلى الاهتمام بفكرة الأنساب والأصل الطيب وأقدر قيمتها.
وعن الأمر الآخر المتعلق بأن الوزير كان يدير مجموعة مدارس خاصة تمتلكها والدته، فتلك ميزة وليست عيبا لأنه ليس لديه فواتير يريد تسديدها لأحد له عليه فضل، وبما أن هذه المدارس ناجحة فذلك يعني أنه يمتلك القدرة على الإدارة وهو أساس العمل الوزاري.
وذلك لا يعني التأييد المطلق، ولكن النتائج ستكون هي المعيار والتقييم، لأن الصالح العام هو ما نسعى إليه وإذا وجدنا تغييرا نحو الأفضل فسوف نشيد به، وأيضا في حالة الإخفاق بالطبع سنقف وننتقد لأن ذلك سيكون في محله.
ولكنها كلمة حق أقولها دون أي مصلحة تذكر سوى وجه الله والوطن.
ولكن أردت فقط الانحياز للقيم التي أصبحت تداس في مجتمعاتنا تحت أرجل الأهواء الشخصية والمصالح حتى أصبحنا نعيش بمبدأ حبيبك يبلع لك الزلط وعدوك يتمنالك الغلط.
ويبقى هنا السؤال الأهم.. ماذا نريد من وزير التعليم؟
ذلك ما يجب التركيز عليه الآن وليس شيئا آخر عديم الجدوى.
نريد رؤية نهضة تعليمية، وتغيرا ملحوظا يعيد لمدارسنا هيبتها ومكانتها، لتكون أماكن لتلقي العلم كما كانت منذ أن تم إنشائها، لأننا رأينا كيف وصل بنا الحال بعدما أصبحت المدارس فقط أماكن لعقد الامتحانات بينما تظل خاوية طوال العام لدرجة أن هناك من يصل إلى الجامعة وهو لا يجيد الإملاء، ذلك هو التحدي الأكبر والأهم وما يجب السعي إليه.
نريد تعليما وليس فقط مجرد شهادات.