خطيب الجامع الأزهر: الهجرة النبوية تظهر عبقرية النبي في التغلب على التحديات
ألقي خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الأسبق، والأمين العام لهيئة كبار العلماء، ودار موضوعها حول من دروس الهجرة الاستعداد المتقن والعمل الدؤوب مع توكل القلب على الله.
خطيب الجامع الأزهر: الهجرة النبوية لا تزال تلهمنا دروسا للحياة السعيدة
قال الدكتور عباس شومان، رغم مضي كل هذه القرون على الهجرة النبوية الشريفة، إلا أن دروسها لا تزال تلهمنا دروسا للحياة السعيدة المستقرة، كما تشكل نبراسًا يهتدي به المسلمون في كل مجالات: السياسة والعلم والاقتصاد، والمجتمع، فهذه الرحلة المباركة تمثل ذروة التخطيط المحكم لضمان نجاح العمل، كما أنها تعد منهجًا شاملًا للحياة، إذا ما سارت عليه المجتمعات تكون قادرة على تحقيق الرخاء والسعادة في جميع جوانبها.
وسلط الدكتور عباس شومان الضوء على عبقرية النبي ﷺ التي تجلت بوضوح خلال رحلة الهجرة النبوية، ليس فقط من الناحية الدينية، بل امتدت لتشمل أبعادًا استراتيجيةً عميقةً تكشف عن عبقرية فذة في التخطيط، حيث اتسمت رحلة الهجرة باختيارها الذكي للتوقيت المناسب، ما يجعلها درسًا خالدًا لكل ساعٍ نحو النجاح، كما تعتبر الهجرة بمثابة رسالة عملية من معلم الأمة الأول ﷺ في تأكيد أهمية انتقاء الوقت المناسب لتنفيذ المهام، مع الأخذ بعين الاعتبار كل التدابير اللازمة لتلافي أي عقبات قد تعيق مسيرة النجاح، وهو ما أظهرته عبقرية النبي ﷺ في التغلب على التحديات، رغم براعة خصومه العرب آنذاك لفن تتبع الأثر ومعرفة مسالك الطرق المؤدية من وإلى مكة، كما أن هناك رسالة أخرى من نبينا ﷺ للبشرية جمعاء وهي أننا أمة عمل وإنجاز لا أمة اتكال وكسل، وهو ما جسدته رحلة الهجرة النبوية في مختلف جوانبها من التخطيط المحكم بجانب القدرة على التغلب على الصعاب، لتكون نبراسًا يهتدى به كل ساعٍ نحو التقدم والنجاح.
عباس شومان: التوكل الحقيقي يعني السعي والاجتهاد
وبين شومان، أن التخطيط الجيد والتنفيذ المحكم، لا ينفصلان عن حسن التوكل على الله، فالتوكل الحقيقي لا يعني التواكل وترك العمل، بل يعني السعي والاجتهاد مع اليقين بأن الله سبحانه وتعالى هو القادر على تحقيق النتائج المرضية، لهذا قدمت لنا هجرة النبي ﷺ مثالًا رائعًا على حسن التوكل على الله، فبعدما وضع النبي ﷺ خطة محكمة واختار الرفيق المناسب، واتخذ كل التدابير اللازمة لمنع العدو من الوصول إليه، ظل قلبه وعقله موقنين بأن النجاح لا يأتي من الأسباب وحدها، بل من توفيق الله سبحانه وتعالى، وهو ما يظهره قول النبي ﷺ لصاحبه "لا تحزن إن الله معنا"، ففي هذه العبارة القصيرة دلالات عميقة تؤكد أن الإيمان بالله لا ينافي السعي والعمل، بل إن الأخذ بالأسباب دليل على جدية السعي ورغبة العبد في تحقيق النجاح، كما أكدت على ان التوكل على الله هو العنصر الأساسي في التخطيط، لأنه يمنحنا الثقة والشعور بالأمان، ويدفعنا إلى مواصلة البذل والعطاء دون خوف او قلق.
واختتم الأمين العام لهيئة كبار العلماء خطبة الجمعة بتأكيد أن االنبي ﷺ أراد أن يقدم لأمته نموذجًا يحتذى به، في كيفية بناء المجتمعات، وأنها لاتتم بشكل عشوائي أو دون تفكير مسبق، بل يتطلب ذلك العمل الجاد والسعي الدؤوب المخطط له بعناية، وهو ما تجلي في هجرته ﷺ من مكة إلى المدينة، إدراكا منه أن البقاء في مكة سيعرقل مسيرة نشر دعوته، متسلحا في ذلك بالصبر والعزيمة القوية مع عدم الاستسلام أمام التحديات التي واجهها في رحلته المباركة