الإفتاء: الضريبة التي تفرضها الدولة لا علاقةَ لها بالمكس المحرَّم شرعًا
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالًا ورد إليها نصه: قال لي أحد الناس: الضرائب التي تأخذها منك الدولة مَكس محرمٌ شرعًا، فهل هي كما قال، أم أن هناك فرقًا بينهما؟.
الإفتاء: الضريبة التي تفرضها الدولة لا علاقةَ لها بالمكس المحرَّم شرعًا
وقالت الدار عبر موقعها الرسمي في فتوى سابقة: الضريبة التي تفرضها الدولة حسب المصلحة وبقدر الحاجة للنهوض بالشعب في جميع الميادين لا علاقةَ لها بالمكس المحرَّم شرعًا؛ ذلك أنها تُفْرَض من أجل الحق وتصرف فيه، وتكون نظير خدمات والتزامات تقوم بها الدولة لصالح المجموع، بخلاف المكس الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فإنه يؤخذ بغير حق، وينفق في غير حق.
الحقوق المالية الواجبة في مال المسلم
وتابعت الدار: من المقرَّر في الشريعة الغرَّاء أن الحقَّ الواجب في مال المسلم ليس قاصرًا على الزكاة المفروضة، ويدلُّ على ذلك قوله تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [البقرة: 177]، فالآية قد جُمِعَ فيها بين إيتاء المال على حبه وبين إيتاء الزكاة بالعَطْفِ المقتضِي للمُغايرة، وهذا دليلٌ على أن في المال حقًّا سوى الزكاة لتصح المُغايرة.
وأضافت: قال الفخر الرازي في "مفاتيح الغيب" (5/ 216، ط. دار إحياء التراث العربي): [اختلفوا في المراد من هذا الإيتاء؛ فقال قوم: إنها الزكاة. وهذا ضعيف؛ وذلك لأنه تعالى عطف الزكاة عليه بقوله: ﴿وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ﴾، ومن حق المعطوف والمعطوف عليه أن يتغايرا، فثبت أن المراد به غير الزكاة، ثم إنه لا يخلو إما أن يكون من التطوعات أو من الواجبات، لا جائز أن يكون من التطوعات؛ لأنه تعالى قال في آخر الآية: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾. وقف التقوى عليه، ولو كان ذلك ندبًا لما وقف التقوى عليه، فثبت أن هذا الإيتاء وإن كان غير الزكاة إلا أنه من الواجبات] اهـ.