الأربعاء 18 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

سيدة الشرقية.. حماتي قنبلة ذرية

السبت 27/يوليو/2024 - 04:01 م

زمان كنا وكانوا وكنت واحدًا منهم نتندر ونضحك ونحن نشاهد أفلام إسماعيل ياسين وكيد الحموات لزوجات أبنائهن بدافع الغيرة، والتي يتم عرضها في قصص فكاهية مضحكة للتسلية والإسقاط على ألاعيب الحموات (أمهات الزوج، وأمهات الزوجة)، حتى يضيق الأمر بالزوجات أحيانًا ويصل إلى حد الطلاق، ويقع الزوج بين شقي رحى متألمًا بين إرضاء أمه أو إعمار بيته، لكن الأمر كان قديما ينتهي إلى عدول الحماة عن تصرفاتها ليعيش الزوجان في سعادة.

سيدة الشرقية 

الآن وقد وصلنا إلى ما وصلنا إليه من تقزم في كل شيء، وانهيار أخلاقي لا مثيل له، ومجتمع عنيف يفتك بالأصول فتكًا وكأن الجميع يعمل جزارين يمسكون ساطورا يقطعون في مشاعر بعضهم، لا همّ لأحد إلا الانتصار لرأيه وفرض وجهة نظره على أنها الصح ودونها الخطأ، أصبح الأمر ينتهي بـ فيديو كـ #سيدة_الشرقية، الزوجة تظهر فيه تضرب حماتها.. وتسحلها.. وتعتدي عليها بالخشبة والشبشب.. تشد شعرها.. تصفعها.. تسبها في غياب الزوج الذي ذهب إلى الخارج بحثًا عن لقمة عيش تسمح له بحياة كريمة له ولابنته الصغيرة وأمه.

الغريب في هذا السلوك المجتمعي الخطير ليس هذا الشطط والانفلات الأخلاقي فحسب، ولكن على مدار اليومين الماضيين من خرج ليبرر للزوجة فعلتها وجريمتها، إما بدافع إهانات لأم الزوج التي هي في مقام أمها أو من يعطونها الحق في فعلتها.

سيدة الشرقية المسحولة

في هذا المقام أذكر ما كتبه الراحل أحمد خالد توفيق، بأن "علاقة الحماة بزوجة ابنها تثير الدهشة، إنني أجدها في صورتها البدائية صراعًا بين امرأتين على رجل الكهف، الأم تعتبر أنها صنعته وعلمته كل ما يعرف وتستحق أن يظل لها للأبد، فلن تأتي حدأة لا موهبة لها إلا أنها تضع طنًا من المساحيق كي تسلبها إياه، والزوجة ترى ببساطة أنه لا ذنب لها، لأن هذه سنة الحياة"، لكن في الحقيقة الخلاف لم يعد الآن باختلاف الزمان ومتطلبات العصر ومتغيرات الحياة على الزوج والاستئثار به ولكن الرهان والخلاف صار على إرهاقه وتضييق الخناق عليه وإشغاله بتوافه الأمور وسطحياتها.

سيدة الشرقية وأخلاق المجتمع

أصبحت الخلافات بين الحماة والزوجة -على الرغم من صعوبات الحياة ومتطلباتها- على من لها الكلمة العليا، فوضعت الزوجة رأسها برأس حماتها، التي في سن والدتها ومع اختلاف الأزمان ترى الحماة الزوجة تافهة سطحية مهملة طوال الوقت إذ يقول توفيق: تلعب الأم ألعابًا قاسية.. يا حسرتي عليك.. ألم تقم الهانم بخياطة هذا الزر؟ أمك ستفعل.. ألم تطهُ لك البامية كما تحبها؟ أمك ستفعل.. ثم قل لي: لماذا تلبس الهانم هذا الثوب الذي لا يناسب وزنها؟ ولماذا تصفف شعرها بهذه الطريقة التي تذكرني بالمكنسة؟ ثم تلوح بيدها في رقة وتوسل: لا...لا... أرجوك.. لا توبخها.. أنا لا يعنيني إلا أن تكون سعيدًا.. انس ما قلته لك، وهات لي القميص كي أخيط لك الزر.. والعكس وارد طبعًا من الزوجة".

في الحقيقة أكثر ما يؤلم ويقلق في قصة سيدة الشرقية ومثيلاتها، غياب أصول الحكايات وأخلاق النهايات وتقاليد العائلات واحترام الزوجات والأمهات، الجميع يناصر كل طرف يخصه ولا ضرر في أن يكذب ويتهم ويشوه الصورة، كل ما يهمه هو الانتصار لوجهة نظره ورأيه دون اتباع الأصول والمعروف، ولا عزاء للأخلاق.

تابع مواقعنا