ابن بار ومرض عُضال.. الرواية الأخرى لـ بطل الثانوية الأزهرية في الشرقية
قبل سنوات داهمت الأورام جدته ومن بعدها والدته، أنين الآلام لا يزال حاضرًا في ذهنه، لكنه منذ عرف طريق العلم بعد ذلك وكله أمل وإصرار على تخطي الصعاب واستذكار دروسه على أكمل وجه حتى يُمكنه الله من التصدي لذلك المرض اللعين يومًا ما.
حكاية أحمد بطل الثانوية الأزهرية في الشرقية
على بُعد بضع كيلو مترات من مدخل مدينة العاشر من رمضان في محافظة الشرقية، وداخل إحدى الوحدات السكنية في المجاورة التي يقل رقمها عن الخمسين بواحد، عاش الفتى بين كتبه أشواطًا من الأمل المغلف بشغف المحاولة طويلة الأمد والهدف الذي لا يمكن ان يتخيل نفسه يحيد عنه، وبين هذا وذاك كانت آيات الله ودعوات والدته وجدته حصنه الحصين الذي يدفعه دومًا إلى طريقه المنشود.
منذ أسابيع عامه الأخير في الشهادة الثانوية الأزهرية، وقبل أن يتسلم كتبه الدراسية، قرر أن يكون ذلك العام فارقًا بين الحلم المجرد والقُرب من تحقيقه؛ إذ اختار الفتى من قبل أن تكون دراسته في القسم العلمي عسى أن يقترب شيئًا فشيئًا مما يريد ويطمح.
مرت الأوقات تلو الأخرى وروتين اليوم لا يتغير في روعته؛ يستيقظ مبكرًا ويؤدي صلاة الفجر في موعدها ويبدأ ورده اليومي من القرآن الكريم ويهم في استذكار دروسه وتحصيل المعلومات بعزمٍ لا يخيب.
ما أن يأخذ قسطه من المذاكرة حتى يتذكر آلام جدته ومن بعدها والدته ومعانتهما من الأورام العُضال التي احتار الأطباء في الوصول إلى علاجها وعجز عن ذلك الطب رغم كم الجديد بصورة يومية، لكنه لا يظل يذكر دعوة والدته التي جاءته في صورة طلب منذ داهمها المرض: نفسي شيخ الأزهر يكلمني ويقولي ابن كمن الأوائل.
على الجانب الآخر، وفي قرية شبرا النخلة التي تتبع مركز بلبيس وتبعُد عن بيت أسرته نحو ساعة ونصف الساعة، تمكث جدته لوالدته فجرًا قبل شروق كل صباح وقد اعتادت أن تدعو له وتبعث له طيب أمنياتها على الله لا ترجو له أكثر من كرم رب العالمين وأن يُحقق أحلامه ويُصبح كما يرجوه الجميع: الدكتور أحمد.
مع دقات الرابعة عصر الثلاثاء الأخير من يوليو الجاري، وبينما كان غارقًا في نومه ساعة القيلولة، هزه والده من كتفه ليوقظه، وحين استفاق تفاجأ من طلب والده له أن يُحادث من على الجانب الآخر من الهاتف، إذ أخبره الأب أن من على الهاتف هو شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب.
بين الحلم واليقظة والذهول وعدم القدرة على التفسير أمسك بالهاتف المحمول وتحدث غير مصدقًا أن كلماته تصل إلى أذن الطيب شيخ الأزهر، لكن في غضون لحظات قليلة، وقبل أن تنتهي المحادثة، حضرت والدته إليه في مكانه رغم مرضها، وكانت الابتسامة تعلو وجهها وقد تحقق حلمها أخيرًا حين حادثت شيخ الأزهر وهنأها كما كانت تحلم بأن ابنها قد تفوق على أقرانه على مستوى الجمهورية وحقق المركز الثاني على القسم العلمي بأكمله.
انتهت مكالمة شيخ الأزهر لتتصاعد أصوات البهجة والزغاريد داخل منزل أهلية والدة أحمد محمد عامر صديق أحمد، الطالب بمعهد عاصم نجيب جويفل النموذجي بمدينة العاشر من رمضان، الذي أكرمه الله بتحقيق البداية المثلى لحلمه في أن يُصبح طبيبًا للأورام ويلتحق بكلية الطب البشري عقب نجاحه في الشهادة الثانوية الأزهرية بمجموع درجات 647 ونسبة نجاح بلغت 99.54%.