هل تفعلها كامالا هاريس؟
تأسست الولايات المتحدة الأمريكية عام 1776، ورغم حداثة نشأتها إلا أنها الدولة الأقوى والأكبر حتى الآن، وهناك آراء ترى أن رئيسها يحكم العالم كله من خلالها نظرا لهيمنتها عليه اقتصاديا، ودليل ذلك أن الدولار الأمريكي هو العملة العالمية الأولى، وعسكريا أيضا لامتلاكها أكثر منظومات التسليح تطورا، وقدرتها على إدارة المعارك في أي مكان على الأرض من خلال قواعدها المنتشرة وجيشها الضخم عتادا وعددا.
تتكون أمريكا من 50 ولاية بالإضافة إلى مقاطعة واحدة، وهي واشنطن العاصمة، ونظام الحكم بها رئاسي تكون فترته 4 سنوات، ولا يجوز للرئيس الترشح لأكثر من فترتين متتاليتين، عن طريق انتخابات حرة ومباشرة تخضع لعملية بها بعض التعقيد نظرا لأسلوب اعتماد النتيجة النهائية عن طريق المجمع الانتخابي.
وقد شهدت أمريكا منذ تأسيسها 46 رئيسا، وذلك بداية من جورج واشنطن عام 1789، وحتى الرئيس الحالي جو بايدن الذي وصل إلى سدة الحكم عام 2021.
اللافت للنظر أن هذه الدولة رغم اعتناقها جميع المبادئ المتعلقة بالحريات والتعددية وتكافؤ الفرص، وقد تكون هي أول من أطلق شعارات تخص المرأة مثل حريتها وتمكينها، مع التحفظ بالطبع على رؤيتهم لتلك الحرية المزعومة، إلا أنها لم تشهد في كل تاريخها سيدة تحكم البلاد كرئيسة للدولة.
وقد خاضت هيلاري كلينتون الانتخابات الرئاسية مرشحة عن الحزب الديمقراطي أمام الرئيس السابق دونالد ترامب، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يتم ترشيح حزب كبير لسيدة حتى تخوض هذا السباق، ولكنها لم توفق وفاز ترامب، وقالت في ذلك أن سببه تخلي النساء عنها، وعدم دعمها بالشكل الكافي.
وقد ذكرت بعض التقارير الصحفية وقتها أن الرأي العام الأمريكي ليس لديه قبول كامل لفكرة أن تسكن امرأة البيت الأبيض وتحكم أهم دولة في العالم.
ولكن رأينا وبشكل مفاجئ أن هناك تجربة أخرى لترشح سيدة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة قد تكون أوفر حظا من سابقتها، وذلك حدث عندما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن انسحابه من الترشح لفترة رئاسية ثانية ينافسه عليها دونالد ترامب الحاصل على ترشيح الحزب الجمهوري، وقد بدأ حملته بمهاجمة بايدن الذي هزمه من قبل وأطاح به من الحكم بعد فترة واحدة فقط، ويبدو أنه أراد رد هذه الصفعة له بهزيمته التي بدى واثقا منها دائما من خلال التشكيك في الحالة الصحية والذهنية لمنافسه بايدن الذي وصفه بالعجوز الخرف أكثر من مرة.
ولكن ربما كانت المفاجأة لترامب نفسه بانسحاب جو بايدن من خوض الانتخابات، والإعلان عن دعمه لنائبته كامالا هاريس لتكون بديلا له.
بمجرد إعلان بايدن عن ذلك بدأت قيادات الحزب الديمقراطي بتأييد هاريس حتى حصلت على الموافقة الكاملة لخوض السباق الرئاسي في مواجهة دونالد ترامب وبما أن الأمور في الولايات المتحدة لا تسير هكذا دون حسابات دقيقة جدا، فإنه من المؤكد أن الحزب الديمقراطي لم ينصح بايدن بالانسحاب كون فرصة فوزة بالفعل كانت ضعيفة، حتى يدفع بمرشحة لا توجد مؤشرات كبيرة على إمكانية فوزها، ومن ثم إهداء ترامب فوزا سهلا يمكنه من العودة لحكم الولايات المتحدة التي بالفعل كانت بين المطرقة والسندان وقت حصر المنافسة بينه وبين بايدن.
حققت كامالا هاريس ذات الأصول الهندية وصاحبة البشرة السمراء لقبا هاما من قبل كونها أول امرأة تتولى منصب نائب الرئيس الأمريكي.. فهل تفعلها وتصبح أيضا أول امرأة تحكم الولايات المتحدة الأمريكية؟.