دبلوماسية مصر في جبهات عدة
تتعدد الجبهات التي تتحرك فيها الدبلوماسية المصرية، في إقليم باتت تعصف به الأزمات في ظل حرب أدت إلى مقتل ما يزيد عن 40 ألف إنسان في غزة، وأزمة إنسانية كبيرة في القطاع، وأخرى أكبر منها في السودان الذي لا يبكيه أحد، ولبنان فيها من جراح السنوات ما لا يتوقف عن النزيف حتى الآن، وفي الامتداد العربي الإفريقي أيضًا، أزمة الصومال التي زار رئيسها مصر مؤخرًا.
لا تتحرك مصر في دبلوماسيتها لصالح حسابات معينة أو منافع خاصة مطلقًا، فمنذ عام 2014 كانت ركائز السياسة الخارجية للدولة واضحة، وهي متوافقة حول محاور معينة؛ دعم الدول والمؤسسات الوطنية والتعاون المشترك معها في سبيل واحد، وهو الحد من التوترات والأزمات في الإقليم، وعدم ترك أي مساحات فراغ قد تنفذ لها أطراف خارجية، تسعى إلى تأجيج الصراعات والأزمات.
وإلى جانب هذين المحددين، هناك محددات أخرى وهي العمل المشترك في إطار مؤسسات العمل العربي والأممي لتجنب العنف كحل لأي صراع وتغليب الحلول السلمية، وتجميع الفرقاء في أي نزاع على مائدة واحدة وأن الحوار بين أبناء البلد الواحد هو الحل دومًا لأي أزمة، وأن المؤسسات العربية والدولية من الضروري أن تكون فعالة وتكون القرارات الصادرة عنها ملزمة للدول.
وربما المحدد الأهم على الإطلاق كان الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة من الدول، والبناء على مستوى العلاقات الحالي مع مختلف الدول في سبيل تحقيق التعاون في مختلف المجالات.
وبرزت فعالية الدبلوماسية المصرية مع حرب غزة، فلولا الضغوط المصرية منذ اليوم الأول ما كانت المساعدات الإنسانية عرفت طريقًا إلى غزة، ولولاها ما كانت الهدنة الأولى لتتم، وبدون مفاوض مصري قادر على تحريك أوراق الضغط لصعدت إسرائيل في ممارساتها.
في ملف غزة، نسفت مصر تمامًا مخطط التهجير والهدف من ورائه بتصفية القضية الفلسطينية تمامًا، وكانت هي أول من تنبه لمساعي إسرائيل في هذا الملف وأول من حذر منه.
وقادت مصر المفاوضات المستمرة حتى الآن، وتحركت فيها بما يضمن توقف الحرب المشتعلة لما يقرب من عام الآن، هادفة أولًا وقبل كل شيء لضمان سلامة شعب قطاع غزة.
وفي ملف السودان الجرح العربي الآخر، استضافت مصر مؤتمرًا يضم جميع القوى السياسية المدنية السودانية، بحضور الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين، بهدف التوصل إلى توافق بين مختلف القوى السياسية المدنية السودانية حول سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان، عبر حوار وطني سوداني - سوداني، يتأسس على رؤية سودانية خالصة.
وفي ملف الصومال التي تواجه تهديدات وتحديات، التقى الرئيس السيسي نظيره الصومالي حسن شيخ محمود، الذي أجرى زيارة رسمية إلى مصر لعدة أيام، مؤكدًا موقف مصر الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، والرافض لأي تدخل في شؤونه الداخلية، وشملت الزيارة توقيع بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين، كما عقدا مؤتمرا صحفيا مشتركا.