الإثنين 18 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

مذكرات عاطف بشاي: نجيب محفوظ طردني من منزله وهذه حربي مع مصطفى محمود.. ولهذا السبب هددتني زوجتي بتغيير الملة

مذكرات عاطف بشاي
تقارير وتحقيقات
مذكرات عاطف بشاي
السبت 31/أغسطس/2024 - 05:00 م

أيام قليلة هي الفاصل بين دخوله للمستشفى بسبب وعكة صحية انتهت بوفاته في نهار الجمعة وصدور مذكراته التي جمع فيها مشواره الفني واصدرتها دار ريشة "حكايتي في دفتر الفن.. عاطف بشاي"، لم تتجاوز صفحتها علي جهاز القراءة المائة وتكفي جلسة واحده فقط لإتمام قرأتها.

مذكرات عاطف بشاي

هي ذكريات لا مذكرات تضمنت فصولا من مشواره في عالم الفن كتبها بشاي في سنواته الأخيرة، عن رفاق الرحلة، نجيب محفوظ، يوسف إدريس ممدوح الليثي، نور الشريف، وصلاح السعدني وآخرين.

اختار نجيب ومن غيره ليكون البداية: "كان من دواعي الزهو والإحساس بالفخر أن أبدأ رحلتي في التأليف بكتابة سيناريو وحوار الفيلم التليفزيوني «تحقيق» المأخوذ عن قصة قصيرة بنفس الاسم لأستاذنا الكبير «نجيب محفوظ» التي نشرت ضمن المجموعة القصصية «الجريمة»".

يروي بشاي كيف كان اللقاء الأول مع النجيب فيقول:


“أسترجع تلك الأيام في بداية الثمانينيات أتذكر أن المنتج طلب مني موافقة كتابية من أستاذنا بترحابه أن أكتب السيناريو لقصته حيث إنني كنت ما زلت اسمًا مجهولًا في عالم الكتابة الدرامية. فعلمت أن الأستاذ يجلس بمقهى «ريش» في الصباح الباكر”.

ذهبت إلى هناك. وجدته يطالع الصحف في انهماك وتركيز. انقضضت عليه متلهفًا أن أحصل على موافقته وبادرت بتقديم نفسي إليه. لكنه استمهلتني في حسم مرددًا: ‫- ولكني أقرأ الجرائد الآن‫ انسحبت في حرج بالغ وجلست إلى منضدة قريبة.

لم يتوقف الأمر عند الإحراج في مقهى ريش وفقط إنما تجاوز إلى حد الطرد من منزل الأستاذ، فيروي بشاي تلك الواقعة التي اختارها عنوانا لهذا الفصل:

«ذهبت للأستاذ في منزله ومعي عقد التأليف وشيك بعشرة آلاف جنيه أجر القصة.. فاعتذر عن التوقيع على العقد لحين قدرته على استخدام يده في الكتابة لإصابتها بعجز من جراء الاعتداء الغادر عليه».

«واستمهلني إلى بداية العام الجديد ريثما يبرأ من الإعاقة.. بالإضافة إلى رغبته أن يدخل المبلغ في ضرائب العام القادم.. فقلت له إن الشركة المنتجة قررت إعفاءه من الضرائب».

«فإذا به ينفجر فيّ بغضب جامح صارخًا بصوت جهوري حاد دهشت أن يصدر عن هذا الجسد النحيل: هذا تدليس.. ذلك غش أرفضه.. كيف تجرؤ.. أنا أرفض هذا الخداع.. و.. و.. عشرات الاتهامات المتلاحقة».

«وعبثًا حاولت أن أوضح له أن لبسًا قد حدث وأن تصورًا خاطئًا قد فهمه وهرولت من أمامه متعذرًا في قمة الارتباك والتعثر مطرودًا مدحورًا مشبعًا بلعناته».

في أحد الفصول يكشف عاطف بشاي عن ما وصفها بالحرب على مصطفى محمود بسبب مقال للأخير في مجلة صباح الخير هاجم فيه المدرسة السيرالية في الفن التشكيلي.

يقول:

«فقررت أن أكتب مقالًا ناريًا أتهمه فيه بالجهل الفني.. وأستنكر أن مفكرًا كبيرًا مثله يتصدى بالكتابة فيما لا يعلم ومدى خطورة تأثير ذلك على القراء الذين يثقون في علمه ويؤمنون بأفكاره».

«لم يرد عليّ كما توقعت فأيقنت أنني أفحمته بقوة منطقي.. ودحرته برصانة حجتي.. أما والدي- رحمه الله- فقد قرر بروزة المقال وتعليقه على جدار في حجرة الضيوف.. لكن والدتي رفضت رفضًا قاطعًا حيث إنها كانت تؤمن بالحسد».

«لكن خاب ظن نفسي في نفسي بتوالي قراءاتي لمؤلفات د. «مصطفى محمود» فإذا بي أقع في براثن حبه منبهرًا بعمق فكره ونفاذ بصيرته.. وعلمه الواسع.. وبديع أسلوبه الأخاذ الذي يتمتع ببلاغة وجاذبية آصرة».

‏وفي حياته الخاصة يكشف بشاي عن الحبيبة التي تركته لأول عريس جاهز وكيف هددته زوجته بتغيير الملة من أجل الانفصال وهذا ما كتبه:

«ثم اكتشفت بعد ذلك حماقة ما أقدمت عليه، فالمرأة لا تحب الرجل لا قارئًا ولا كاتبًا.. ولا مثقفًا.. وهي كلما سمعت كلمة ثقافة أخرجت “مطواة قرن غزال”».

«والدليل أن محبوبتي تزوجت أول عريس جاهز ماديًا صادفها. أما أنا فتزوجت وخيرتني زوجتي- في مواجهة صريحة ودون مواربة، بين تحويل حجرة مكتبي إلى حجرة للطفلتين. أو الخلع. فلما أخبرتها أنه لا خلع في المسيحية أكدت أنها سوف تغير "الملة"».


كانت مسرحية لدلال عبد العزيز وراء توقف بشاي عن التدخين: «لازمتني تلك البيضاء الملفوفة الملعونة أكثر من ثلاثين عامًا دون أن أقوى على فراقها.. كنت لا أقوى على إكمال كتابة سيناريو مشهد درامي في مسلسل أو فيلم.. أو إتمام كتابة مقال دون أن أنفث دخانها».

استمر هو على هذا الحال «إلى أن دعتني الفنانة الجميلة «دلال عبدالعزيز» لمشاهدة مسرحية «الأم شجاعة» لـ«بريخت» التي تقوم ببطولتها على مسرح الهناجر بالأوبرا».

وبينما جلس في الصف الأول للعرض"فجأة انتابتني موجة من السعال العنيف المتواصل.. واحتقن وجهي بضيق حاد في التنفس والإحساس بالاختناق.. فقمت مهرولًا إلى خارج القاعة.. وبقيت خارجها حتى هدأت".

عاد مرة أخرى للعرض: «دقائق وعاودتني موجة أخرى من ذلك السعال اللعين.. فهرولت مرة أخرى خارجًا.. معانيًا من إحساس قاهر بالخجل لشعوري بأنني أحدثت إزعاجًا للنظارة وتشويشًا على استغراقهم في المتابعة».

ويضيف: «وعدت والإحساس بالذنب يمتلكني تجاه الفنانة الصديقة التي وجهت لي دعوتها الكريمة بحضور العرض.. فإذا بي وكأني أسعى إلى إفساده بسعالي المتواصل.. مقررًا في لحظة حاسمة وفارقة ومصيرية وداع تلك المارقة الغادرة وداعًا نهائيًا لا رجعة فيه».

تابع مواقعنا