اللي شبكنا يخلصنا !
وبرغم إن الصبر عليا صِبِر.. فـ أنا صابر على المقسوم.. ظننت لفترة طويلة إنه كما يقال لكل عقدة حلّال، ولكن بمرور الوقت والخبرات أمام عيني، وسماع القصص هنا وهناك، اتضح لي جليًا إنه لا يوجد أعقد من فهم مشاعرك قبل مشاعر الآخرين، فتزداد الضغوطات الداخلية والخارجية دائما لتُخرج منك أسوأ ما بداخلك تجاه جميع الأطراف، ليبقى السؤال، الزمن هو اللي بيغيرنا ولا برئ من ذنوبنا؟
وتابعت -قسرا وليس بإرادتي- نظرا لتداول الأخبار أمامي بشكل مستمر، حالة الجدل الواسعة التي أحدثتها أغاني شيرين عبد الوهاب الجديدة، والتي أعادتها لأذهان الجمهور وسماعات هواتفهم المحمولة مرة أخرى -كـ فترة آه يا ليل الذهبية-، وتفاعلوا معها بشكل كبير وموجع، وأقصد هنا وجع وآلام شيرين في الكوبليه الشهير بأغنية بتمنى أنساك “بتمنى تزول ملامحك من بالي تزول.. ولو حتى تروح بطلوع الروح.. مقبول”، وأخص بالذكر هنا تلك التنهيدة التي فصلت بين الجملتين، والتي حملت في طياتها ألف معنى ومعنى، ويبدو إنه وصل للمستمعين.. بالطبع.
وفي الواقع ليست -تنهيدة- شيرين عبد الوهاب هي الأمر ذاته، بل تعقيد وتشابك العلاقات، أظن إنه ليس من محض الصدفة أن يتكرر رأس الموضوع هذا منذ قديم الأزل وحتى يومنا هذا، ما ننام عليه بالطبع نصبح عليه، فكل أشكال الفن تتمحور بشكل أو آخر حول العلاقات بمختلف أنواعها، تقوم مصالح بلاد وتنهار أخرى بسببها، فهي قادرة على رفعك لسابع سماء، وفي أقل من غمضة العين، تأخذك لتحت الأرض.. فعليا.
أُدرك بشكل كبير معاني هذا الحديث النبوي “لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين”، وأعي بأهمية معانيه، لذلك أقف غير مستوعبة أمام من يُعيد تجربة خوض العلاقات مرة أخرى، فـ بأي عقل تعود بإرادتك لسلسة لا متناهية من اشتباك الأفكار والمشاعر؟ هل من المنطق أن يحب المرء لنفسه تلاعب الأعصاب أو ربما تلفها؟، وبأي حق يكون هناك شخصا، تحيى الروح بجانبه، وفي غيابه يكون القلب والعقل كالسجين، وأنت السجّان، حقا.. إيه بس اللي رماك تعشق تاني يا قلبي؟!
وبإلقاء نظرة سريعة على العلاقات المحيطة بي، في محاولة الوصول لتفسير محدد لبدايات غير مستمرة ونهايات غير مكتملة، بالطبع باءت تلك المحاولة بالفشل، ولكن لحسن الحظ توصلت لأسباب بسيطة، لا تذكر، ولكن مازالت أسباب، فالقلب يعشق كل ما هو صعب ومستحيل، لا يهوى إلا المعاناة الحسية والمعنوية، يختار بإرادته، ثم يعود ويشكو ويردد.. “اللي شبكنا يخلصنا”.