الفلاح الشهيد الحي
تحتفل الدولة في التاسع من سبتمبر كل عام بعيد الفلاح، وهو اليوم الموافق ذكرى إصدار قانون الإصلاح الزراعي، بكلمات ووعود وأماني.
لكن من المؤكد أن الفلاح نفسه لم يحتقل بذكرى عيده، أو تناسى عن عمد أن يحتفل وسط ما يعيشه من كبد، لكن البعض وقف ليستمع إلى كلمات بعض المسؤولين الذين يشيدون بدور الفلاح وتفانيه في عمله، وإخلاصه الدؤوب في الحفاظ على أمن مصر الغذائي، وأنه أحد أهم دعائم الاقتصاد الوطني لدوره في تنمية القطاع الزراعي والحفاظ على أمن بلدنا الغذائي.
ولكي أكون منصفًا لا أريد أن أنكر أن الدولة في السنوات القليلة الماضية ربتت على كتفه وأخذت بيديه بعد أن كانت قرى مصر في دائرة النسيان تعيش الحرمان والبؤس وانعدام كامل في الخدمات، وجاء الرئيس السيسي ليحقق حلم عشنا على أمل أن يتحقق سنوات طويلة، وأطلق مبادرة حياة كريمة، لترسم بسمة كبيرة على حياة أهالينا في القرى، حيث قاموا بتطوير تلك القرى وتوفير كافة الخدمات من مياه وكهرباء وصرف صحي وطرق وخدمات حكومية ومدارس ووحدات صحية وكثير من الخدمات التي وفرت لهم سبل الراحة وجعلتهم على يقين أنهم على رادار الحكومة لتوفير حياة كريمة لائقة لهم، ورفعت عنهم المعاناة التي عاشوها عقود عديدة وقت أن كانوا في دائرة النسيان.
كما لا ننسى مبادرة العلاج من فيروس سي والأمراض المتوطنة والمزمنة وتوفير رعاية صحية لائقة تحت مبادرة 100 مليون صحة.
ونتمنى أن تستمر تلك المبادرة وغيرها من المبادرات التي تطبطب على قلوبهم وتوفر لهم الرعاية والطمأنينة وتغيير حياتهم إلى الأفضل.
وبمناسبة إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية المستدامة أتمنى أن يحظى الشهيد الحى بالدعم الكافي وأن تتحول القرى إلى خلايا منتجة، وأن نتخذ من قرية البسايسة وشبرا ملس وشبرا بلولة وقرى كثيرة وصلت إلى العالمية بمنتجاتها وإنتاجها الحرفي أو الزراعي إلى قدوة ولا نغفل أن تلك القرى المنتجة ساهمت في الناتج القومي والقضاء على البطالة وتغيير حياة سكانها إلى الأفضل، وأن تعود القرية إلى سابق عهدها في تربية الطيور والمواشي، حيث كان غذائهم من أرضهم وبيتهم.
أتمنى أن تصل رسالتي إلى كل المسؤولين في كل مواقعهم، شكرًا لكلماتكم الطيبة التي لم تصل إلى الفلاح، وعوضًا عنها يحتاج حقا إلى من يدعمه ويسانده لتخطي الصعوبات التي تواجهه وسط ندرة المياه وعواقب التغيرات المناخية ونقص السماد وارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات وانعدام الإشراف الزراعي وغياب الدورة الزراعية.
بل يجب تقديم حوافز لزراعة محاصيل مهمة مثل القمح والذرة والقطن والإعلان عن سعر عادل يجزيه عن عرقه وجهده، وأن يكون هناك مساندة فعلية في الإشراف والتوجيه لاستخدام التقنيات الحديثة في الزراعة واستخدام المياه وتوفير الأسمدة والمبيدات والبذور ذات الجودة العالية، وأن تجتهد مراكز البحوث الزراعية في استنباط أصناف جديدة عالية الإنتاجية، وأن تدعم التقاوي والمبيدات بسعر عادل ولا يترك فريسة السوق السوداء، وأن تعمم فكرة الكارت الذكي لتعم الفائدة، وأن تسوق له محاصيله وتعود الجمعيات التعاونية الزراعية إلى أوج نشاطها ويتم إحياء دورها المهم، ويعود دور المشرف الزراعي، الذي كنا نتعايش معه وسط حقولنا ليقدم النصائح الدائمة والدعم الكامل، وتوفير وحدات بيطرية بكل قرية.
لا يجب دعم الفلاح بكلمات، إنما يجب الدعم الواقعي والفعلي وأن يدرك أنه في قلب وعقل الحكومة، وأنها تعترف بفضله ودوره في الحفاظ على أمن مصر الغذائي، وأنه شريك رئيسي في عملية التنمية ويجب الإصغاء لطلباته، وتذليل كل العقبات التي تواجه ليستمر حصن الأمن والأمان.
وأن يستمر دور الدولة في التوسع لتحويل الصحراء الجرداء إلى جنة خضراء وأن مشروع 2 مليون فدان بارقة أمل وأمان لجميع المصريين، وأن يعلم كل فلاحي مصر أن الحفاظ على كل سهم من أرضنا الزراعية هو واجب وطني وأن التعديات التي شوهت رقعتنا الزراعية هو اعتداء على حقوق المصريين وتهديد لأمنهم، وأن تكون الأحوزة العمرانية بشكل منضبط، وأن يتم المحافظة على المياه والتعاون مع الدولة في الحفاظ على كل قطرة مياه لما نعانيه من شح مائي.
وعلى الحكومة أن تخرج من دائرة الكلمات العذبة، وأن تنظر إلى واقعية ما يمر به الفلاح المصري من معاناة، لتتحقق التكاملية ولتكون التفاعلية إيجابية وأن يدرك هو أن الواقع فعلا يتغير إلى الأفضل، لنصنع نهضة زراعية ونعود لسابق عهدنا خزائن الله في أرضه.