ولد الهدى فالكائنات ضياء موضوعًا لخطبة الجمعة اليوم
حددت وزارة الأوقاف المصرية موضوع خطبة الجمعة اليوم 13 سبتمبر 2024م بعنوان: ولد الهدى فالكائنات ضياء، مؤكدة أن الهدف المراد توصيله إلى جمهور المسجد من خلال هذه الخطبة يهدف إلى توجيه وعي جمهور المسجد إلى أن الاحتفال بالمولد النبوي العظيم لا يتحقق إلا بأن نتخلق بأخلاق النبي (صلى الله عليه وسلم) الشريفة في كل شئون الحياة وخصوصا مع الأسرة والجيران وكافة تصرفات الإنسان.
نص خطبة الجمعة اليوم
الحمد لله رب العالمين، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وبهجة قلوبنا وقرة أعيننا وتاج رؤوسنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، أرسله الله تعالى رحمة للعالمين، وختاما للأنبياء والمرسلين، فشرح صدره، ورفع قدره، وشرفنا به، وجعلنا أمته، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإنما تشرف الأزمان وتسمو الأوقات بمقدار ما أودع الله تعالى فيها من صور التفضل والتكرم والتجلي على عباده؛ لذلك كان زينة الزمان وفخر الأوان ذلك اليوم الذي أذن الله تعالى فيه لشمس الهداية المحمدية أن تنبلج، ولأنوار الهدي المحمدي الشريف أن تسطع، إنه يوم مولد الجناب النبوي والجمال المصطفوي، ذلك اليوم البهيج، الذي ولد فيه النور، وأشرقت شمس النبوة والهداية، فملأت الوجود صفاء ونقاء، وكست الأرض بهاء وسناء.
ولد الهدى فالكائنات ضياء * وفم الزمان تبسم وثناء، إن يوم المولد النبوي الشريف هو مولد شجرة الكمالات المحمدية؛ إذ لولا يوم المولد النبوي الشريف لما كان يوم البعثة، ولما كانت ليلة الإسراء والمعراج، ولما كان يوم الهجرة، ولما كان يوم الفرقان، فهو يوم الأيام، وحدث الأحداث، يوم مراده ومقصده صناعة الإنسان وبناؤه وإحياؤه
إن البرية يوم مبعث أحمد * نظر الإله لها فبدل حالها، بل كرم الإنسان حين اختار من * خير البرية نجمها وهلالها
ربيع الأنوار أن يحدث للنفوس وللعقول أنس بجميل أخلاقه وكريم شمائله صلوات ربي وسلامه عليه، فإن النفوس إذا تعلقت بكريم الشمائل هامت بها وسعدت، وسعت إليها وحفدت، وتخلقت بها وتحققت، فإنما جمع الله تعالى بحور الهداية والأنوار لتمتزج في سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
فهذا سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول في وصف نبينا عليه الصلاة والسلام: «كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس كفا، وأوسع الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشيرة، من رآه بديهة هابه، ومن خلطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله».
كما جاءت أوصاف نبينا صلى الله عليه وسلم في الكتب المقدسة، يقول سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه: «والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن، يا أيها النبي، إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر».
إن احتفالنا بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب أن يترجم إلى واقع عملي، فنتخلق بأخلاقه صلى الله عليه وسلم، ونتحلى بشمائله، فيا من تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كن كريما كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كريما، كن رحيما كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما، كن صادقا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صادقا، كن وفيا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيا، كن محمدي الشمائل، أحمدي الأخلاق.
أيها الناس، إذا أردتم حفاوة حقيقية واحتفالا حقيقيا بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخذو العهد على أنفسكم بالتخلق بأخلاقه والتحلي بشمائله صلوات ربي وسلامه عليه، كونوا صورة ملهمة للعالم عن الإسلام ونبي الإسلام.
اجعلوا ذكرى المولد النبوي الشريف ميلادا جديدا لشمائله وأخلاقه ورحمته في حياتكم، انشروا في الدنيا كلها معاني البهجة والسرور والتوقير والإيمان والمحبة لمولانا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، إنه يوم من أعظم أيام الدنيا وأكثرها على الوجود بركة، نريد للزمان والمكان أن يعمر ويضج باسم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أكرموا الفقراء، اقضوا الديون عن الغارمين، أدخلوا السرور على أولادكم وأسركم وأهلكم وجيرانكم، فهي أيام فرح بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون".