بين العبادة والشرك.. الطرق الصوفية الغريبة ادعاءات أم روحانيات؟
بطقوس غريبة، يُقبلون أيادي بعضهم، ويرتدون زيًّا موحدًا، يقصدون مقامات الأولياء والشيوخ، معتقدين أنهم ذوو كرامات، تصل إلى حد القدرة الإلهية، كمن يدّعي شفاء المريض، أو المشي فوق الماء، أو الحديث مع النباتات والحيوانات، ظهرت طرق صوفية غريبة ليست كالشاذلية والخلواتية والأحمدية وغيرها من الطرق التي اعتاد عليها المجتمع المصري.
صندوق الطرق الصوفية في مصر، مليء بظواهر غير معهودة، تدفع البعض إلى اتهامهم بالشرك، بينما يتماهون هم فيما يعتقدون بأنه روحانيات، فما الضوابط الشرعية والفقهية التي تفصل بين الفكر الصوفي الحقيقي وبين الخدع التي طفت على السطح مؤخرًا؟، حيث شاهدنا مؤخرًا شيخ طريقة يخرج ويقول أمام الكاميرات إن النظر إلى الشيخ عبادة، وآخر يتحدث عن كونه بابًا من أبواب الجنة، ويقول لمريديه: أنا صاحب الكرامات وشيخ البركات من أراد الخير فليدخل إلى روضتي ويتوضأ من ماء ساحتي!.
كما ذاع صيت الطريقة الكركرية مؤخرًا بعد ظهورهم بملابس غريبة مرقعة بألوان الطيف، والتي أثارت جدلًا كبيرًا بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وهي إحدى الطرق الصوفية حديثة النشأة بالمغرب، ويوجد مقرها في مدينة العروي بإقليم الناظور، ولها أتباع في مصر، ويعرف، أتباعها باسم «الفقراء» ويرقعون أثوابهم بأيديهم.
75 طريقة صوفية في مصر
وعن تعدد الطرق الصوفية في مصر، يقول أحمد قنديل المتحدث الرسمي باسم المشيخة العامة للطرق الصوفية، إن البلاد بها نحو 75 طريقة صوفية، والمشيخة هي الجهة المسئولة عنهم بشكل رسمي بالكامل، ولكل طريقة قواعد، موضحًا أن دور مشيخة الطرق الصوفية هو دور تنويري وروحي في تنقية الشوائب.
وأكد قنديل، خلال تصريحات خاصة لـ القاهرة 24، أن المشيخة تعتمد على الأساليب العلمية في الدين وتتمسك بكتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، حيث تعقد الندوات والمجالس العلمية التي تنظمها ويُشارك بها دُعاة وعلماء أزهر ودار إفتاء، كما يوجد بالمشيخة الدكتور علي جمعة وهو رئيس قطاع الدعوة فضلًا عن الدكتور أحمد عمر هاشم.
أحمد كريمة: بعض المتصوفين استحدثوا الرقص والزمر
فرق كبير بين الصوفية الحقيقية والمدعاة كشأن ما حدث في اتجاهات من جماعات وتنظيمات وفرق، فهناك فرق بين الأصيل والدخيل، حسبما قال أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، موضحًا أن الصوفية الحقيقية هي تطبيق عملي لمرتبة الإحسان، كما ما ورد في صحيح مسلم عن عمر ابن الخطاب: في حديث جبريل الطويل وفيه: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»، وفي رواية في مسلم أيضا: «أن تخشى الله كأنك تراه، فإنك إن لم تكن تراه فإنه يراك»، وفي رواية مسند أحمد: «الإحسان أن تعمل لله كأنك تراه، فإنك إن لم تره فإنه يراك».
وأكد كريمة، خلال حديثه مع القاهرة 24، أن الصوفية الحقيقية تقوم على الزهد ومجاهدة النفس للوصول بها إلى الصفاء، وانتشرت في العصر العباسي وتنوعت المدارس بين الشاذلية والأحمدية والرفاعية، ومن أعلامها الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الراحل، والشيخ متولي الشعراوي، والشيخ محمد زكي الدين إبراهيم، والشيخ صالح الجعفري، رحمهم الله، لافتًا إلى أن جميعهم سلكوا طريق الزهد والأوراد الشرعية ويجب التفرقة بينهم وبين المدعاة.
وأردف: البعض حاليًا استحدثوا الرقص والزمر واللافتات وتقديس الشيوخ، وهذا بعيد عن الصوفية الحقيقية، وتصدر عليهم في بعض الطرق أشياخ جهلاء دخلاء مثل السلفية والسلفية كلهم شعارات كاذبة نفس الشيء عند المتصوفة من أهل الدنيا بلا شك والتلاعب بأحلام البسطاء هؤلاء لا يمثلون التصوف.
ووجه نداء إلى الدولة قائلًا إن الدستور المصري الساري ينص على أن الأزهر الشريف وحده مسؤول عن الشؤن الدينية، ويجب أن تم تفعيل المادة الخاصة به حتى لا نجد دخلاء مثل المتصوفة والدواعش، مضيفًا: كل حزب بمن لديهم فرحون وللإسلام الصحيح رب يحميه.
لا تقدسوا مشايخ الطرق الصوفية فكلنا مخطئون
وحول اعتقاد البعض بقدسية شيخ الطريقة، يقول العالم الأزهري الشيخ سالم عبد الجليل، إن العصمة للأنبياء فقط، وما دون ذلك من الشيوخ والأولياء والمحسنين فليسوا معصومين من الخطأ»، مردفًا خلال حديثه مع القاهرة 24: لا شماتة في أحد.. لا تعتقدوا في الشيخ العصمة فنحن بشر نخطئ ونصيب.. ولا تحسبوا خطأ أحد على الإسلام.. نحن بشر نقول الصواب والحق وربما نقول ما هو باطل، وأحيانا نتصرف التصرفات الصحيحة وأحيانا نتصرف التصرفات الخاطئة».
وأضاف أنه لا ينبغي أن نستغل خطأ أحد الشيوخ للنيل من الفصيل الذي ينتمي إليه سواء متصوف أو غيره، حيث إن خير الخطائين التوابون، موجهًا حديثه لمن يحمل راية الدين: اتقوا الله في الدين الذي تحملونه، أن نخطئ نحن فيتحمل الدين خطأنا هذه مصيبة كبيرة.. نحن لسنا قدوة مطلقة، القدوة المطلقة في النبي فقط، لافتًا إلى أن تقديس بعض مشايخ الطرق الصوفية خطأ، كما أن الإنسان يجب أن يهتم بقراءة الأوراد والصلاة على سيدنا النبي والتسمك بالدين الصحيح فقط.