حروب إسرائيل وإيران الأربع
هل تدخل إيران وإسرائيل حربا حقيقية بالشكل المتعارف عليه، يشارك بها جيشا الدولتين بكافة تشكيلتهما العسكرية على غرار الحروب الكبرى التي شهدها العالم؟
الدولتان خاضتا بالفعل حروبا على مدى الأشهر الماضية لكنها جاءت منقوصة دائما، وامتصت كل منهما الضربة التي شنتها الأخرى، ولم تدخلا في اشتباك مباشر، كما لو كان هناك اتفاق غير معلن بينهما!
حتى القصف الإيراني الأخير لتل أبيب، وقفت إسرائيل تتابعه مثل كافة دول العالم، واكتفت بمحاولة اصطياد الصواريخ القادمة إليها من الأراضي الإيرانية وتفجيرها بالجو.
أربع مواجهات خاضتها الدولتان مؤخرا، بدأت عندما قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي القنصلية الإيرانية في سوريا، ولم ترد طهران حينها بشكل مباشر وانتظرت حتى واتتها الفرصة، أو ربما بعد تعرضها لانتقادات شديدة، وقصفت إسرائيل بوابل من الصواريخ والطائرات المسيرة، دون أن يسفر عن خسائر بشرية أو مادية، مع ذلك تلقت تل أبيب الضربة بروح رياضية دون رد.
ولم يمض وقت طويل وعاودت إسرائيل عدوانها على ايران، واغتال جيشها إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران، ولم ترد إيران أيضا حينها على هذا الهجوم الذي استهدف سيادتها وامتصته، وابتلعت غضبها كما لو كان وقع خارج حدودها وهو في الأحوال الطبيعية يشعل حروبا لا تنتهي.
وجاء رد طهران بقصف تل أبيب بحوالي مائتي صاروخ باليستي، بعد المأزق الذي سببه قتل إسرائيل لحسن نصر الله الأمين العام لحزب الله هو الآخر، ساعدها الطولى لمواجهة إسرائيل، وتعالت الانتقادات الموجهة لصمتها على النيل من رجالها ومصالحها في المنطقة، ورغم أن إسرائيل كانت على علم به، على الأقل من قبل الولايات المتحدة، ورغم أنه استهدف تل أبيب وتسبب في خسائر مادية لها، تلقته إسرائيل بصدر رحب إذا جاز التعبير.
في كل المرات أطلقت الدولتان وابلا من التصريحات التي توعدت فيها كل منهما الأخرى، واستعرضتا بنك الأهداف المقبل، واكتفت بذلك.
كل العمليات التي نفذتها إيران كانت تقوم برد الفعل على الهجمات الإسرائيلية، وكان الهدف الرئيسي هو حفظ ماء الوجه، مع تصاعد الانتقادات لعدم تعاملها بالسرعة المطلوبة معها، في حين أن الهجمات الإسرائيلية كانت نوعية وقوية في قيمتها ورمزيتها.
مع ذلك يبقى الهجوم الإيراني الأخير الأكثر دلالة وقوة ويختلف عن سابقيه، وقد استهدف تل أبيب وأصاب أهدافا عسكرية إسرائيلية ودمر عدة منازل، وكسر هيبة إسرائيل التي تعربد في غزة ولبنان ونال منها.
كلفة الحرب الحقيقية فادحة بالتأكيد، والدولتان تدركان ذلك على ما يبدو، ولا ترغبان في دفع ثمنها، وهو سبب امتصاص كل منهما ضرباتهما الأخيرة.
وفقا لجدول المواجهات بين الدولتين، فالدور على إسرائيل في الرد، وهناك اتفاق بين نتنياهو وحكومته ومعارضية على ذلك، وحددت عدة أهداف يمكن قصفها، على غير المتعارف عليه عند خوض الحروب، إذ دائما ما تكون مثل هذه الخطوة سرية ومفاجئة، في حين توعدت إيران هي الأخرى بالرد وحددت أيضا عدة أهداف حيوية في إسرائيل لقصفها.
فهل تكتمل المواجهات بين إسرائيل وإيران وتنتهي بحرب حقيقية هذه المرة؟، أم تواصل إيران حرب استنزاف من خلال وكلائها في المنطقة كما يحدث حاليا، وترد إسرائيل باقتناص أهداف منتقاة، ويبقى الوضع على ما هو عليه؟