ذكرى العبور العظيم
ستظل حرب أكتوبر 1973 مصدر فخر واعتزاز لكل مصري على مدار التاريخ، فما زالت تبوح بأسرارها وتؤكد عظمة المصريين شعبا وجيشا، رغم مرور 51 عاما على الانتصار العظيم، وكما قال الرئيس السادات بعد الانتصار: أنه أصبح للوطن درعا وسيف، فنحن خير جنود الأرض، شعارنا نموت أو ننتصر.
فتحية لشعب مصر العظيم في ذكرى العبور المجيد، على الأجيال الحالية والقادمة أن تعتز بجيشها وأن تفتخر بما قدمه جنودنا الأبطال وما سطروه من بطولات وتضحيات لتحرير أرضنا المباركة.
فبرغم مرارة الهزيمة في 1967 وقسوتها، خرج الشعب يساند الجيش ويرفض تنحي الرئيس جمال عبد الناصر ويهتف سنحارب، فكانت حرب الاستنزاف ومعركة رأس العش، وتوالت البطولات في الحفار وإغراق المدمرة إيلات، والتسلل خلف خطوط العدو في معارك دامية أنهكت العدو وجعلته يستغيث بالولايات المتحدة الأمريكية وصولا لقبول مبادرة روجرز، بعدها تم تنظيم الصفوف وإعادة بناء القوات المسلحة تسليحا وتدريبا استعدادا ليوم العبور.
من روائع معركة أكتوبر التي ما زالت تدرس وتعد إنجاز مصري صميم، هي نظرية الخداع الاستراتيجي، فقد نجحت القيادة السياسية والعسكرية المصرية في خداع العدو بكل أجهزته واستخباراته سواء كانت أمريكية أو إسرائيلية، بأن المصريين سيظلوا في غيبوبة النكسة لعشرين عاما قادمة، ولن تكون هناك حرب، وظل العدو يتوهم بأنه الجيش الذي لا يقهر، ويتباهى بخط بارليف ونقاطه الحصينة، وطائراته وعتاده.
واستيقظ العدو على هزيمة قاسية، وقواتنا تعبر قناة السويس بكل تحصيناتها، وتدمر النقاط الحصينة وخط بارليف الذي ظن استحالة عبوره.
بل استيقظ العالم أجمع على خبر أن قواتنا المصرية في سيناء، تشق الأرض وتطيح بالعدو بكل آلياته، وشاهدوا صور أسراهم في طوابير طويلة، وقادتهم وهم يستسلمون، وجنودنا ترفع العلم المصري في أرض الذهب، ونصرخ بأعلى صوتنا ونحن صائمون الله أكبر الله أكبر، ونغني بعدها سينا رجعت كاملة لينا ومصر اليوم في عيد.
كان لكل جندي وضابط وصف ضابط قصة من أروع القصص في الفداء والتضحية، كتبت بحروف من نور ليعلم كل مصري في كل عصر أن أرضنا رويت بدمائنا، وأن المصري لا يبيع ولا يسمح باستباحة أرضه وعرضه، وأنه يقدم روحه ودمائه في سبيل الدفاع عنها وحمايتها.
وقد شكلت الجبهة الداخلية أروع الأمثلة في الصبر والتكاتف والتلاحم وتحملت كل الأعباء في سبيل تسليح الجيش لخوض معركة الكرامة، ووقفت تساند جيشها وتشد من ازره وتقدم الغالي والنفيس من أجل عودة الأرض وتحريرها.
ومن هذا المنبر المحترم القاهرة 24، أقدم التحية للجهات المعنية على ما تقوم به من جهد عظيم، ولقاءات مع أبطال خاضوا معركة النصر، ليحكوا بأنفسهم عن بطولاتهم وتضحية زملائهم وقادتهم، ولتعلم الأجيال الجديدة أن أجدادهم متيمين بحب الوطن، ويتباهوا كما أتباهى دائما بأن خالي شهيد وأن عمي كان أحد مصابي حرب أكتوبر، ولم تنسى القوات المسلحة أبدا أبنائها في أي وقت.
ونعاهد الله أن نظل على عهد الآباء نقدم الدماء والروح في سبيل رفعته، وكما كنا نقول ونردد ونحن في الخدمة العسكرية: نحن جاهزون لتنفيذ أي تعليمات يا فندم، وسنخدم الوطن في الحرب والسلم، ونؤكد ونحن نسير إلى جمهوريتنا الجديدة بخطى ثابتة، ونرفع راية مصرنا عالية خفاقة، وسنحقق كل نهضة تخدم الوطن وأبنائه.
حفظ الله الوطن دائما وأبدا.