في الذكرى الأولى للحرب.. ماذا خسرت فلسطين الثقافية بعد عام من العدوان؟
شهدت فلسطين خلال حرب غزة والتي أتمت اليوم عامها الأول، تدميرًا واسعًا للبنية التحتية الثقافية، مما أثر بشكل كبير على المشهد الثقافي الفلسطيني، حيث استهدفت الهجمات الإسرائيلية عديد المراكز الثقافية والمؤسسات الفنية والمكتبات العامة، ما أدى إلى تدمير جزئي أو كامل لكثير منها.
خسائر الثقافة الفلسطينية منذ السابع من أكتوبر
فقدت فلسطين خلال هذه الحرب 44 كاتبًا وفنانًا وناشطًا ثقافيًا، بالإضافة إلى تدمير 32 مؤسسة ومركزًا ثقافيًا ومسرحًا، وتضرر 12 متحفًا و2100 قطعة تطريز وأثواب قديمة، و9 مكتبات عامة، و8 دور نشر و12مطبعة، وهدمت آليات الاحتلال نحو 195 مبنىً تاريخيًّا يقع أغلبها في مدينة غزة، بشكل جزئي أو كامل، ومنها ما يُستخدم كمراكز ثقافية ومؤسسات مجتمعية، بجانب تضرر 9 مواقع تراثية و10 مساجد وكنائس تاريخية تشكّل جزءًا من ذاكرة القطاع.
تعد هذه الخسائر جزءًا من محاولات الاحتلال الإسرائيلي لطمس الهوية الثقافية الفلسطينية وتقويض صمود الشعب الفلسطيني، فإن تدمير المراكز الثقافية والفنية لا يمثل فقط خسارة مادية، بل هو محاولة لقطع الروابط الثقافية والتاريخية التي تربط الفلسطينيين بأرضهم وتراثهم، ومع ذلك، يظل الشعب الفلسطيني متمسكًا بثقافته وهويته، ويواصل العمل على إعادة بناء ما دمرته الحرب، مستمدًا قوته من تاريخه العريق وإرادته الصلبة في مواجهة التحديات.
مبدعين رجلوا عن فلسطين بسبب الحرب
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، فقدت فلسطين عديد المبدعين الذين أثروا الثقافة الفلسطينية والعربية بنتاجهم الفكري والإبداعي الذي كان محوراهما القضية الفلسطينية.
من بين هؤلاء، الروائي والناقد إلياس خوري، المولود في بيروت عام 1948، الذي غيّر مسار حياته بعد زيارة لمخيم للاجئين الفلسطينيين في عام 1967، مما دفعه للانضمام إلى حركة "فتح".
ودرس خوري التاريخ في الجامعة اللبنانية وحصل على الدكتوراه من جامعة باريس. عمل في عدة مجلات، منها "مواقف" و"شؤون فلسطينية"، وترأس تحرير مجلة الكرمل بالتعاون مع الشاعر محمود درويش، من أشهر أعماله "باب الشمس"، التي تناولت مأساة اللجوء الفلسطيني في لبنان.
كذلك، رحل الكاتب والسيناريست حسن سامي يوسف، المولود في لوبيا عام 1945، والذي انتقلت أسرته بعد النكبة إلى لبنان ثم سوريا، ودرس السيناريو وعمل في المؤسسة العامة للسينما في سوريا، حيث كتب العديد من الأعمال الفنية.
ومن بين المبدعين الذين فقدتهم فلسطين، المفكر بلال الحسن، المولود في حيفا عام 1939، والذي تنقل بين دول الشتات وعمل في عدة مؤسسات صحفية، من أبرزها صحيفة "السفير" ومجلة "اليوم السابع".
كما فقدت فلسطين الأديب رشاد أبو شاور، المولود في قرية ذكرين عام 1942، والذي التزم طوال حياته بالكتابة عن فلسطين، وكتب العديد من المجموعات القصصية والروايات.
ضحايا الفن في الحرب
وفي مجال الفن التشكيلي، توفي الفنان فتحي غبن، الذي يعتبر من أعمدة الفن الفلسطيني وأحد مؤسسي جمعية التشكيليين في غزة، والذي أثر فيه فقدان قريته، وحصل على عدة جوائز وأوسمة تقدير، وكان له دور بارز في مشهد الفن التشكيلي.
وأخيرًا، استشهد الشاعر سليم مصطفى النفّار في قصف استهدف منزله في غزة، وهو الذي ساهم في تأسيس جمعية "الإبداع الثقافي" وعُرف بإنتاجه الأدبي المميز، فكل هؤلاء المبدعين تركوا بصماتهم في الثقافة العربية، وما زالت إبداعاتهم حية في ذاكرة الأجيال.