في ذكرى 7 أكتوبر.. كيف اغتالت إسرائيل مستقبل الحياة في غزة؟
تواصل إسرائيل حرب الإبادة الجماعية، ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، للعام الثاني، مخلفة مأساة إنسانية غير مسبوقة، وأكثر من 150 ألف شهيد ومصاب، ودمارا هائلا في البنى التحتية الحيوية، من مرافق للمياه والطاقة والمستشفيات والمدارس، فضلا عن فرض الجوع على أكثر من مليوني شخص.
وتحاصر إسرائيل 2.3 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة، ضمن مساحة 365 كيلومترا مربعا، تشهد هذه المنطقة أعلى كثافة سكانية، إذ يعيش أكثر من 6،000 شخص لكل كيلومتر مربع في ظروف صعبة للغاية.
وبخلاف عمليات القتل والإبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، عملت إسرائيل على تدمير مقومات الحياة، واغتيال مستقبل القطاع لمنع من تبقى على قيد الحياة من العيش بشكل آدمي فيه.
تدمير ممنهج لقطاعي الصحة والتعليم
تجلى أثر العدوان بشكل واضح في قطاعي الصحة والتعليم، إذ تعاني هذه القطاعات من انتكاسات مدمرة لها آثار طويلة الأمد على التنمية التي تعد ضرورية للاستقرار الاقتصادي في المستقبل، والوقاية من الأمراض، والتماسك الاجتماعي، والتنمية المعرفية.
تدهور الوضع بشكل مأساوي منذ الثامن من أكتوبر 2023، ما أدى إلى استشهاد 16،891 طفلا، و11،458 امرأة و986 من العاملين في مجال الرعاية الصحية، كما أدى هذا الاعتداء إلى تعطيل خدمات الرعاية الصحية الروتينية.
وتشير التقديرات إلى أن 16،854 طفلا لم يتمكنوا من الحصول على التطعيمات الروتينية، الأمر الذي أدى إلى انتشار عدد من الأمراض الوبائية لعل أبرزها مرض التهاب الكبد الوبائي، ما يؤكد المستقبل المقلق للصحة في قطاع غزة، والحاجة الملحة للتدخل الإنساني والحلول المستدامة لمعالجة الأزمة الصحية.
تدمير نظام الرعاية الصحية
تعرضت المستشفيات والمراكز الصحية للتدمير بسبب القصف، ما أدى إلى انهيار قدرة الأنظمة الصحية على تلبية احتياجات الناس، كما قلت فرص الوصول إلى الخدمات الصحية بشكل كبير، وأصبح الحصول على العلاج والأدوية صعبا للغاية، ما زاد من معاناة المرضى، خصوصا المصابين بأمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب، الذين يحتاجون إلى رعاية مستمرة.
وأشارت إحصائيات الحكومة الفلسطينية إلى أن الأزمة الصحية تهدد حياة النساء الحوامل في قطاع غزة بسبب نقص الرعاية الصحية، حيث إن 60 ألف سيدة حامل تقريبا مُعرَّضة للخطر بسبب انعدام الرعاية الصحية في القطاع، و13،649 سيدة حاملا من المتوقع أن تنجب خلال الشهر المقبل، بواقع 5،522 سيدة في قطاع غزة و8،127 سيدة في الضفة الغربية، كما تواجه 155 ألف سيدة حامل ومرضعة تحديات صعبة في الوصول والحصول إلى خدمات الرعاية الصحية قبل الولادة وبعدها.
سوء التغذية يهدد صحة النساء والأطفال
ووفقا لبيانات جهاز الإحصاء الفلسطيني، فإن 96% من السكان في قطاع غزة (2.15 مليون نسمة) يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد حتى أيلول 2024، من بينهم حوالي 49،300 امرأة حامل.
فيما يواجه أكثر من 495 ألف شخص (22% من السكان) مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الخامسة) منهم 11،000 امرأة حامل، و3،500 طفل معرضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء، كما استشهد 36 طفل نتيجة المجاعة وسوء التغذية.
تدمير وتقطيع لأوصال القطاع
دمر الاحتلال المنازل والطرق وتم محو منطاق بأكملها من خلال القصف العنيف والمتواصل على مدار عام.
ودمر الاحتلال 65% من إجمالي شبكات الطرق في غزة، ما يؤثر على الوصول إلى المرافق الصحية وأماكن الإيواء، ووصول المرضى إلى المستشفيات، هذا الشلل في حركة التنقل بين المدن عزل المجتمعات وضاعف من مشاعر الخوف وانعدام الأمن.
ووفقا لتحليل صور الأقمار الصناعية اعتبارا من 14 يونيو 2024، حدد تقرير "UNOSAT" ما يقرب من 1،100 كيلومتر من الطرق المدمرة، و350 كيلومترا من الطرق المتضررة بشدة، و1،470 كيلومترا من الطرق المتضررة بشكل معتدل. ومن هذه الإحصائيات، تم حساب أن ما يقرب من 65% من إجمالي شبكة الطرق قد تضررت.
تدمير المنازل والوحدات السكنية
بلغ عدد الوحدات السكنية المتضررة جزئيا نتيجة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 07/10/2023 نحو 297 ألف وحدة سكنية، فيما تم هدم 87 ألف وحدة سكنية بشكل كلي.
وأشارت بيانات مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (UNOSAT) إلى أن عدد المباني المتضررة نتيجة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 07/10/2023 بلغت نحو 156،423 مبنى.
استهداف ممنهج للمدارس والجامعات
وفقا لوزارة التربية والتعليم العالي، حتى نهاية سبتمبر 2024، تعرضت 122 مدرسة وجامعة دمرت كليا و334 مدرسة وجامعة دمرت بشكل جزئي.
كان الوصول إلى التعليم غير متاح لطلاب رياض الأطفال والمدارس الثانوية في غزة لمدة عام دراسي كامل تقريبا، قبل الحرب، خدمت هذه المدارس أكثر من 606 آلاف طالب و22 ألف معلم خلال العام الدراسي 2023-2024، إذ تم تدمير 31 مبنى جامعيا بالكامل، إضافة إلى ذلك، دُمر 55 مبنى جامعيا جزئيا، ما أدى إلى عدم تمكن 88 ألف طالب و5 آلاف أستاذ من الالتحاق بجامعاتهم والوصول إليها.
تدمير سلاسل الإمداد وفرض الجوع
بسبب العداون، واجه القطاع توقف شبه التام في سلاسل الإمداد من وإلى قطاع غزة، أدى إلى كارثة صحية وغذائية في جميع أنحاء قطاع غزه نتيجة النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الصحية والمواد الغذائية، حيث يتم توفيرها بمستويات دنيا لا تتجاوز 5% من الكميات التي يجب أن تُقدم فعليًا إلى قطاع غزة.
انهيار المنظومة الاقتصادية في غزة
تعاني فلسطين، من كارثة اجتماعية وإنسانية وبيئية واقتصادية أدت إلى انكماش القاعدة الإنتاجية وتشويه الهيكل الاقتصادي لفلسطين، حيث تراجعت مساهمة قطاع غزه من إجمالي الاقتصاد الفلسطيني إلى أقل من 5% بعد أن كانت تمثل حوالي 17% قبل السابع من أكتوبر.
فبعد عام من عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزه وتداعياته على الضفة الغربية، تشير التقديرات الأولية إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة بأكثر من 85% وحوالي 22% في الضفة الغربية ليتراجع الاقتصاد الفلسطيني بنسبة الثلث مقارنة لما قبل السابع من أكتوبر، كما ارتفع معدل البطالة إلى 80% في قطاع غزة و35% في الضفة الغربية، ما رفع معدل البطالة في فلسطين إلى 51%.
وعلى المستوى القطاعي، وبعد عام من عدوان الاحتلال، تشير التقديرات إلى تراجع نشاط الإنشاءات بنسبة 47% (38% في الضفة الغربية و98% في قطاع غزة)، وانخفضت أنشطة الزراعة بنسبة 30% (8% في الضفة الغربية و93% في قطاع غزة)، كما انخفضت أنشطة الخدمات بنسبة 31% (21% في الضفة الغربية و70% في قطاع غزة)، بينما تراجعت أنشطة الصناعة بنسبة 35% (28% في الضفة الغربية و94% في قطاع غزة).
وأشارت التقديرات إلى أن التدمير الممنهج للعدوان قد تسبب في تدمير معظم المنشآت السياحية بصورة كلية أو جزئية حيث تم تدمير ما يقارب 4،992 منشأة تعمل في نشاط السياحة منها 3،450 منشأة في نشاط المطاعم وتقديم المشروبات (والتي تشكل 69.1% من المنشآت السياحية في قطاع غزة)، و921 منشأة في الأنشطة الابداعية والفنون وأنشطة الترفيه الأخرى (18.4% من المنشآت السياحية في قطاع غزة)، و182 منشأة في صناعة وبيع منتجات الحرف اليدوية والهدايا التذكارية، و173 منشأة في انشطة الفنادق والاقامة والمنشآت المشابهة.
وتسبب العدوان الإسرائيلي في فقدان 15،265 عاملا في نشاط السياحة لوظائفهم، منهم 10،887 عاملا في أنشطة المطاعم وتقديم المشروبات (والتي تشكل 71.3% من العاملين في أنشطة السياحة في قطاع غزة)، ومنهم 2،277 في الأنشطة الابداعية والفنون وأنشطة الترفيه الأخرى (والتي تشكل 14.9% من العاملين في انشطة السياحة في قطاع غزة)، ومنهم 964 عاملا في أنشط الفنادق والإقامة والمنشآت المشابهة.