مفتي الجمهورية: منصب الإفتاء في قلوب المسلمين والفتوى أمانة شاقة كما قال شيخ الأزهر
توجه الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم- بالشكر والتقدير للحضور الكريم بالندوة الأولى التي تعقدها دار الإفتاء المصرية، تحت رعاية دولة رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، بعنوان الفتوى وبناء الإنسان.
مفتي الجمهورية: منصب الإفتاء في قلوب المسلمين والفتوى أمانة شاقة كما قال شيخ الأزهر
وفي كلمته خلال انطلاق أعمال الندوة، أكد المفتي أن هذه الندوة تأتي في إطار جهود دار الإفتاء المصرية لدعم المبادرة الرئاسية بدايةٌ جديدةٌ لبناء الإنسان المصري التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي حفظه الله، كما أنها تهدف إلى التأكيد على أهمية الدور المحوري للفتوى الرشيدة في عملية بناء الإنسان المصري بناءً متكاملًا يُسهم في تحقيق النهضة الحضارية التي نعيشها وتسعى إليها الدولة المصرية، وذلك من خلال تسليط الضوء على الفتوى الوسطية كأداةٍ لبناء المجتمعات وتنميتها على أسسٍ علميةٍ وروحيةٍ.
وتابع: كذلك حافظ المولى عزَّ وجلَّ على كرامته حيًّا وميتًا، عدوًّا وصديقًا، مسلمًا وغير مسلمٍ، في السلم والحرب، حيث قال تعالى: ﴿ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلًا﴾. [الإسراء:70]، كما اعتبره إحدى أهم الركائز في البناء الحضاري وتعمير الأرض، قال تعالى: ﴿هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها﴾. [هود: 61]، وراعى بشريته في التكليف بالأوامر والنواهي، فكلفه قدر استطاعته، ولم يكلفه ما لا يطيق، قال تعالى: ﴿لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها﴾. [البقرة: 286].
المفتي: نقصد ببناء الإنسان ضرورة إعادة تكوينه وإعداده حتى يؤدي وظائفه الدينية والوطنية والدنيوية بجدارة
ولفت النظر إلى أهم توجهات الفكر المتطرف المعادية لبناء الإنسان هي صرف الشباب المتدين عن العلوم الدنيوية والإنسانية وذمها والحط من قدرها وقيمتها في الواقع، ودعوة الشباب إلى ترك تعلمها والانغماس فقط في طلب العلم الشرعي من وجهة نظرهم هم؛ مما خرَّج لنا جيلًا قابعًا في أعماق الماضي، متمسكًا بالمظاهر الدينية الشكلية فقط، رافضًا لكل مظاهر التقدم والعمران.
وكلنا قد شاهدنا رأي العين الآثار السلبية التي ترتبت على وجود هذه الجماعات، من زعزعة استقرار المجتمعات، وهز الثقة بالمؤسسات الدينية، وإحياء الفتن والصراعات الممزقة للأوطان، والتأثير السلبي على الاقتصاد الوطني، وتشويه صورة الدين الحنيف، وتهديد السلم والأمن المجتمعي، والتعدي على حقوق غير المسلمين في الوطن الواحد، والتحريض على الدولة ومؤسساتها الدينية والمجتمعية، وغير ذلك.
في السياق ذاته، أكد المفتي أن المؤسسات الدينية الأزهر الشريف – دار الإفتاء المصرية - وزارة الأوقاف، قد بذلت ولا زالت تبذل جهودًا كبيرةً في بناء الإنسان المعاصر، وقد تبلورت استراتيجياتها في بناء الإنسان من خلال محاور متعددةٍ، أهمها: نشر الوسطية والاعتدال، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، والرد على الأفكار المنحرفة، وكشف زيفها، ونقض أباطيلها، ونفي التعارض بين الدين والدنيا، وإرشاد الناس نحو القيم والأخلاق الفاضلة، وعقد برامج التوعية الأسرية والمجتمعية، بما أسهم بشكلٍ رئيسٍ في بناء الإنسان المصري وتعزيز الاستقرار والأمن المجتمعي.
واستطرد المفتي قائلًا: ونحن نهتم بدور الفتوى في هذا المسار لأنه كما يقول الإمام الأكبر شيخ الأزهر: إن منصب الإفتاء في قلوب المسلمين -دائمًا- له منازل التقدير، ومشاعر التعظيم والإجلال... حتى إن الكلمة التي تصدر من فم المفتي لتقطع كل جدلٍ أو خلافٍ أو ترددٍ في المسائل المستفتى عنها، ولا يزال الناس يستقبلون فتاوى المفتين المعتمدين استقبالهم لصحيح الدين الذي لا معقب عليه، وهذا ما يجعل من الفتوى والإفتاء أمانةً شاقةً، ومسئوليةً ثقيلةً يشفق منها كل من يخشى الله، ويتقيه ويخاف حسابه وعقابه.