ما حكم الرجوع في الهبة بدعوى جحود الموهوب له؟.. المفتي يجيب
أجاب فضيلة الدكتور نظير محمد عياد مفتي الجمهورية، على سؤال ورد إليه نصه: ما حكم الرجوع في الهبة بعد سنوات من تمليك الواهب للموهوب له العين الموهوبة؟ فهناك صديقان أهدى أحدهما للآخر مبلغًا كبيرًا من المال اشترى به الآخر وحدة سكنية، ثم حدث بينهما شجارٌ كبير وخلافٌ أدَّى إلى تعكير صفو ما بينهما من مودَّة.
وتابع السائل: فجاء الصديق الأول الواهب -بعد سنوات- من استقرار صديقه الآخر الموهوب له في البيت الذي اشتراه بمال الهبة والذي رتَّب حياته عليه، وطالبه بأن يخرج من البيت ويعيده إليه بدعوى أنَّه قد بَذَلَ هذا المال لرجلٍ كان يظنه محبًّا مخلصًا.
وأضاف السائل: وبعد الشجار ظهر له خلاف ما كان يأمله فيه، لذلك هو يعتبر نفسه أنه قد بذل هذا المال منخدعًا، ويحق له أن يسترجعه، فهل يجوز له أن يرجع في هبته تمسُّكًا بأنَّ السادة الحنفية يجيزون الرجوع في الهبة؟ وهل نسبةُ ذلك للحنفية صحيحة أو لا؟
حكم الرجوع في الهبة بدعوى جحود الموهوب له
وقال فضيلة المفتي عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية: ليس للواهب الرجوع في المال الذي وهبه لصديقه، ولا يجوز له أن يقهره على إعادة العين دون إرادته ورضاه بدعوى جحوده؛ لأنَّ مال الهبة الذي دفعه الواهب للموهوب له قد تبدَّل من عينٍ (هي المال) إلى عينٍ أخرى (هي الوحدة السكنيَّة)، مما يترتب عليه قيام مانعٍ من موانع الرجوع في الهبة.
وأضاف فضيلته: وهذا هو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، والمفهوم ممَّا جاء في كلام الحنفية أنه يجوز للواهب أن يرجع في هبتِهِ، لكنهم نصُّوا على أنَّ ذلك مما يُستقبح ولا يستحب فعله ديانةً، ثم إنهم قيَّدوه بجملة من الموانع التي إن تحَقَّق أحدُها بطريق القضاء امتَنَع الرجوع، ومنها التغيُّر من جنسٍ إلى جنس -كما في مسألتنا-، فإنه مانعٌ من الرجوع ويقطع حقَّ التملك.