ممثلين الـ PR.. نجوم أم ظواهر عابرة؟
في الآونة الأخيرة أصبح من الملاحظ بشكل كبير ظهور عدد من الفنانين الشباب الذين يتصرفون وكأنهم نجوم ساطعين في سماء الفن بمجرد أول إطلالة أو دور صغير، أو حتى دور ثاني أو مساند للبطل، بعضهم يتصرفون بتكبر وتعال وكأنهم امتلكوا قمة النجومية، رغم أنهم ما زالوا في بداية مشوارهم الفني، هذه الظاهرة الجديدة تعكس انفصالًا كبيرًا عن القيم التي كانت وما زالت تحترم في الوسط الفني، قيم التواضع، العمل الجاد، واحترام الجمهور والزملاء.
ليس من الخطأ أن يكون لدى الفنان طموح، بل هو أمر أساسي لاستمراريته، ولكن الطموح يختلف عن الغرور الذي يبدو أنه أصبح السمة الأبرز لدى بعض الفنانين الشباب، نراهم على السوشيال ميديا وفي المناسبات الفنية يتصرفون وكأنهم نجوم خارقين، يتباهون بالمظاهر ويتعاملون مع من حولهم بازدراء وكأنهم تجاوزوا مرحلة التعلم وأصبحوا في مصاف النجوم الكبار، هؤلاء نسوا أن النجومية لا تأتي بين ليلة وضحاها، بل هي نتيجة لسنوات من العمل الجاد والمستمر، وهو ما أثبته كبار الفنانين الذين حفروا أسمائهم في ذاكرة الجمهور.
فـ إذا نظرنا إلى كيفية تعامل النجوم الكبار مع الفن ومع جمهورهم، نجد أن الفرق شاسع، كبار النجوم مثل عادل إمام، يسرا، ومحمود عبد العزيز، وغيرهم من الأسماء اللامعة، تعاملوا مع الجميع بتواضع واحترام حتى وهم في قمة مجدهم، هذه الأسماء لم تسع إلى الظهور عبر إثارة الجدل أو التباهي بما حققوه، بل تركوا أعمالهم تتحدث عنهم، فحصدوا احترام الجمهور وحبهم الدائم.
على سبيل المثال، الفنانة فاتن حمامة التي كانت رمزًا للرقي والأناقة الفنية، كانت دائمًا تتعامل مع فريق العمل والصحافة والإعلام والجمهور بكامل الاحترام، لم تظهر يومًا تعاليًا أو استعراضًا، وكانت تعتبر نفسها دائما في رحلة تعلم مستمرة، وهذه الصفات هي ما جعلتها تعتبر واحدة من أعظم الفنانات في تاريخ السينما المصرية.
من يسعى للبقاء يجب أن يتعلم
الفنان الشاب الذي يتظاهر بالنجومية دون جهد حقيقي لن يتمكن من الاستمرار طويلا، النجومية ليست مجرد حضور على وسائل الإعلام أو عدد متابعين على السوشيال ميديا، إنها مزيج من الموهبة الحقيقية، الأخلاق، والقدرة على التواصل مع الجمهور بصدق وإخلاص، أما من يعتقد أن طريق النجومية يمر عبر التصنع والتظاهر، فهو بلا شك يسير نحو طريق الفشل والنسيان.
ما يجب أن يدركه هؤلاء الفنانين الشباب هو أن الجمهور ليس غبيًا، الجمهور قادر على التمييز بين من يقدم فنًا حقيقيًا وبين من يسعى وراء الأضواء فقط، الأسماء الكبيرة التي بقيت في الذاكرة لم تخلد بسبب مظاهرها أو تصرفاتها المتعالية، بل بسبب أعمالها الفنية الخالدة التي تحدثت عنهم في كل عصر.
في النهاية، إذا أراد الفنانون الشباب الوصول إلى النجومية الحقيقية والاستمرار فيها، فعليهم أن يتعلموا من دروس الكبار، التواضع والاحترام هما الأساس الذي يبنى عليه كل نجاح حقيقي، دون هذا الأساس، سيظل هؤلاء الشباب مجرد ظواهر عابرة، تسطع للحظة ثم تختفي، تاركة وراءها فراغا لا يملؤه سوى نجوم حقيقيين يحملون على عاتقهم قيمة الفن وأخلاقياته.