بريكس ونظام عالمي أكثر إنصافًا
لا شك أن مشاركة مصر في اجتماع تجمع دول بريكس لأول مرة منذ انضمامها للتجمع في بداية هذا العام يمثل نقطة تحول محورية في الاقتصاد المصري، وسيكون له تأثير كبير على علاقاتها التجارية والدبلوماسية، وتسريع تنفيذ خطط مصر ومشروعاتها التنموية، بل وتسهم عضوية مصر في هذا التجمع الاقتصادي في تعزيز الاستقرار الإقليمي.
ولا شك أن التعاون مع دول بريكس ذات الثقل الاقتصادي من شأنه أن يدفع لتقديم رؤى أفضل في مجالات الحوكمة والإدارة الاقتصادية، ما يعزز قدرتها على تنفيذ سياسات وإصلاحات فعالة.
كما أن الشراكات الاستراتيجية من خلال بريكس ستشارك في تعزيز التعاون في مجالات عديدة منها الأمن السيبراني، واستكشاف الفضاء ونقل التكنولوجيا، ما يُمكن مصر من تحقيق مسعاها في أن تصبح مركزا إقليميًا للابتكار والتنمية، وستسهم في تعزيز الدور المصري على المستوى العالمي ويدفع في اتجاه تحقيق نظام عالمي أكثر توازنًا وإنصافًا، معبرًا عن الأهمية المتزايدة للاقتصادات الناشئة على الساحة الدولية.
ومن مكتسبات الانضمام لمجموعة بريكس جذب عدد كبير من المشروعات المستقبلية، وهو ما يتفق مع تطلعات الاقتصاد المصري خاصة مشروعات الرقمنة والتنمية الزراعية والاستثمارات البيئية الخضراء والبنية التحتية، كذلك مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر وكل المجالات التنموية المهمة.
كما أن استهداف التكتل تقليل التعاملات البينية بالدولار الأمريكي سيخفف من الحاجة إلى النقد الأجنبي في مصر، الذي يمثل الدولار الحصة الكبرى منه، وهو ما يصب في صالح تحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية المحلية، إضافة إلى أن وجود مصر كدولة عضو ببنك التنمية التابع لتكتل بريكس سيمنح فرصا للحصول على تمويلات ميسرة لمشروعاتها التنموية، بالإضافة إلى أن وجودها داخل التكتل يؤدي لتعزيز علاقات مصر التجارية وبالتالي تصدير المزيد من منتجاتها إلى الأسواق الناشئة الرئيسة.
وكذلك زيادة الصادرات المصرية إلى دول المجموعة مع الاستفادة من الاتفاقيات التجارية مثل السوق المشتركة للجنوب لتصبح مركزًا يربط إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، بالإضافة لزيادة الاستثمارات الأجنبية الواردة إلى مصر حيث أظهرت بيانات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة أن مساهمة الاستثمارات التراكمية لدول بريكس سواء الخمسة المؤسسين أو الأعضاء الجدد في مصر بلغت نحو 17.4 مليار دولار حتى سبتمبر 2023، وحتمًا ستزيد إثر تفعيل عضوية مصر في المجموعة وخروج الاتفاقات والخطط إلى حيز التنفيذ، وتبادل الخبرات والكفاءات بشكل مباشر مع الدول الأعضاء.
وعلى مستوى الأمن الغذائي، سيؤدي إلى تأمين احتياجات الدولة من السلع الاستراتيجية مثل الحبوب كالقمح والأرز خاصًة وأن هذا التجمع يستحوذ على حصة كبيرة من الاقتصاد العالمي من تجارة الحبوب على رأسهم دولتي الهند وروسيا.
وسيدعم انضمام مصر لهذا التجمع توطين الصناعة المصرية من خلال الاستفادة من خبرات الدول المشاركة في زيادة معدلات التصنيع والإنتاج، وخلق سوق مشتركة لترويج السلع والمنتجات المصرية.