الأزهر يشيد بطلاب إندونيسيا: يوازنون بين التقاليد الإسلامية ومتطلبات العصر
يولي مرصد الأزهر اهتمامًا خاصًّا إلى دراسة أوضاع المسلمين في العالم، ويسلط الضوء على التحديات والفرص التي تواجهها المجتمعات المسلمة في العالم، مع التركيز على دور التعليم والدعوة في الحفاظ على الهوية الإسلامية، وتعزيز قيم الوسطية والاعتدال التي تمسك بها الأزهر الشريف.
وأوضح المرصد في بيان: وعلى الرغم من أن الإسلام في إندونيسيا معروف بالاعتدال، فإن المسلمين في إندونيسيا يواجهون تحديات العصر الحديث مثل تحديات العولمة والتحديث، لكنهم يسعون جاهدين للحفاظ على التوازن بين التقاليد الإسلامية ومتطلبات العصر.
وأردف المرصد: كما تمتاز العلاقات بين الأزهر وإندونيسيا بعمقها التاريخي، وقوتها المتجذرة في التعاون الديني والتعليمي، ففي أروقة الأزهر برز العديد من العلماء الإندونيسيين الذين درسوا في الأزهر وعادوا إلى بلادهم لنشر العلوم الإسلامية، ومنهم من كان له دور بارز في نشر الفكر الإسلامي في إندونيسيا، فقد بدأت تلك العلاقة منذ قرون طويلة، حيث كان الحجاج الإندونيسيون يلتقون في أثناء زيارتهم لبيت الله الحرام بعلماء الأزهر الشريف، ويسألون عن شئون حياتهم، ومسائل الفقه والشريعة؛ ومن هنا انطلقت أول شرارة لدور الأزهر الشريف في تدوين العلم، ونشر الثقافة الإسلامية في تلك البلاد البعيدة.
الأزهر عن إندونيسيا: استحق طلابهم أن يُخصص لهم رواق باسمهم داخل الجامع
وأضف: ولم يكن استضافة الأزهر الشريف لآلاف الإندونيسيين سنويًّا للدراسة في مختلف التخصصات الشرعية وليدة اليوم، فقد استحق طلاب العلم الإندونيسيون أن يُخصص لهم رواق باسمهم داخل الجامع الأزهر، وهو رواق الجاوة، حيث امتازت الرحلة العلمية للطلبة الإندونيسيين بالاجتهاد والمثابرة، فلم تكن الرحلة من جنوب شرق آسيا إلى القاهرة سهلة، في وقت لم يكن العالم يعرف أدوات النقل الحديثة، بل كانت رحلة الطالب من أبناء الجزر الإندونيسية إلى مصر للتعلم في الأزهر الشريف تستغرق وقتًا طويلًا؛ حيث كانت تبدأ من جزر إندونيسيا إلى جنوب اليمن، وتحديدًا إلى مدينة تريم - وهي إحدى مديريات حضرموت- حيث وجدوا الرعاية والعناية، ويحفظ الطالب في مدارسها القرآن الكريم، ومتون العلوم الإسلامية والعربية مع إخوانهم اليمنيين.
وأردف: وفور إتمام الطالب العلوم الشرعية المطلوبة، يُقام له احتفال مهيب استعدادًا للذهاب إلى الجامع الأزهر، ليلتحق بزملائه ممن سبقوه من الطلاب، فيسجل اسمه بالسجل العمومي الخاص بالطلاب، وينخرط مع زملائه في حلقات العلم بالأزهر في رواق الجاوة -وهو أحد الأروقة الشهيرة في الأزهر الشريف، وقد أُنشئ خصيصًا لاستقبال الطلاب القادمين من منطقة جنوب شرق آسيا- حتى إذا حصّل العلم الكافي اختبره شيوخ المرحلة الأولية، وبمجرد قدرته على تجاوز الاختبار يُنقل إلى المرحلة الثانية لدراسة شروح أوسع وأكبر، ثم المرحلة الثالثة لدراسة الموسوعات في العلوم الدينية والعربية، وفور انتهائه من الدراسة يطلب من شيوخه الإجازة، فيعقدون له اختبارًا في أحد العلوم التي يختارها.
وأضاف، أنه مع مرور الزمن، تطورت نُظُم الدراسة والتعليم في الأزهر، ولا تزال العلاقة بين الأزهر وطلاب إندونيسيا قوية، وليس أدل على ذلك من استقبال آلاف الطلاب من إندونيسيا وغيرها من دول العالم. في الختام، يمثل مسلمو آسيا، وتحديدًا في إندونيسيا، نموذجًا حيًّا للتعايش بين الهوية الإسلامية والثقافات المحلية المتنوعة؛ إذ نجح الإسلام في استيعاب التقاليد والعادات الإندونيسية وتهذيبها، وتمثل تجربة الإسلام في إندونيسيا درسًا مهمًّا للعالم لإسهام الدين بإيجابية في بناء مجتمع متنوع مزدهر.