عالم بالأوقاف: التصوف الحقيقي لا يتعلق بالمظاهر بل بالورع والعبادة الصادقة
قال الشيخ شهاب الأزهري، أحد علماء وزارة الأوقاف، إن التصوف اسم لثلاث معانٍ كما عرفه الإمام السري السقطي، وهي: أولًا: أن لا يطفئ نور معرفته نور الورع، بمعنى أن الإنسان عندما يعرف ربه ويعلم أن الأمور كلها بيد الله عز وجل، فهو يسعى دائمًا للعبادة دون كسَل، ثانيًا: ألا يتكلم بباطن في علم يُناقضه ظاهر الكتاب والسنة، بمعنى أنه إذا جاءه خاطر أو إلهام في قلبه، فلا ينبغي أن يتناقض مع ما جاء في القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة، ثالثًا: ألا تحمل الكرامات على هتك ستر محارم الله، بمعنى أنه لا يجب على الإنسان أن يتفاخر بكراماته أو رؤاه، أو أن ينشرها بين الناس.
عالم بالأوقاف: التصوف الحقيقي لا يتعلق بالمظاهر بل بالورع والعبادة الصادقة
وأضاف العالم بوزارة الأوقاف، خلال لقاء تليفزيوني، أن التصوف الحقيقي لا يتطلب مظاهر كالرَّقص أو الطبل والزمر، كما يعتقد البعض، بل هو في جوهره فقه الدين، وتطبيقه في الحياة اليومية من خلال الورع وحسن الخلق، وإن التصوف هو في الحقيقة (تحقيق الخلافة في أرض الله)، أي أن المسلم يحقق مسؤوليته كخليفة في الأرض من خلال تقوى الله وحسن المعاملة مع الناس".
وشدد على أهمية تصحيح المفاهيم حول التصوف قائلًا: للأسف، التصوف تم تحريفه من قبل البعض، وتم استخدامه لأغراض شخصية، لكن التصوف الصحيح هو الذي يتوافق مع الكتاب والسنة، والذي يقوم على الأخلاق والنية الطيبة، لذلك، ينبغي أن نتمسك بما دعانا إليه شيخنا الإمام محمد زكي الدين إبراهيم، الذي حارب التصوف المنحرف ونادى بالتزام التصوف الرشيد الذي سار على منهج الأكابر مثل السري السقطي، معروف الكرخي، والجنيد.
كما قال الإمام محمد زكي الدين في كتابه ديوان البقايا، ليس التصوف ليس رقص الراقصين، ولا طبل وزمر، ولا هو الذكر بالألفاظ الساذجة، ولا صعق وتشنيع مواكب، ولا مظاهر تكاثُر الموالد، ولا سبحات من البهتان، ولا دعوى الولاية أو صنع الخوارق، التصوف هو فقه الدين كله، وهو توثيق للكتاب والسنة، وكل شيء خلاف ذلك محو.
ويضيف شهاب: إن التصوف هو فقه الدين، هو العمل بما جاء به الكتاب والسنة، ومن يتبع غير ذلك فإنه يضل، التصوف هو تذوق للحقيقة، وحب لله، وللخلق، والعمل بما فيه صالح المسلمين، مضيفا: كما نقل عن الإمام أبو علي الدقاق شيخ الإمام القشيري في كتابه، أن السري السقطي علم الجنيد معنى المحبة قائلًا: المحبة هي التي تجعل الإنسان ينسى نفسه، وينشغل بالآخرين، المحبة الحقيقية هي التي تضعف شهواتك، تجعل طعامك أقل، ومنامك أقل، وكلامك أقل.
وروى الموقف الذي ذكره السري السقطي عن حريق في بغداد قائلًا: لما كان هناك حريق في بغداد، سمع السري السقطي أن دكانه لم يصبه الأذى، فقال: الحمد لله، ولكنه ندم على ما قاله، وقال استغفر الله على الحمد لله، لأنه شعر أنه كان يتمنى لنفسه الخير أكثر من إخوانه المسلمين، هذا درس لنا جميعًا، لأن الإيمان هو أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك.
وختم حديثه بالوصية المهمة التي تركها السري السقطي للجنيد في آخر أيامه: إياك ومصاحبة الأشرار، فالصاحب ساحب، إذا كنت مع الناس الطيبين، ستسير على دربهم، أما إذا كنت مع الأشرار فستسحبك أفعالهم إلى السوء.. الصحبة الصالحة تساعد الإنسان على الاقتداء بالصالحين في عباداتهم وأخلاقهم، ولذلك يجب على المسلم أن يحرص دائمًا على اختيار الصحبة الطيبة.