هل يسير العرب وهم نائمون؟!
صباح يوم الـ7 من أكتوبر عام 2023، استيقظنا على عملية طوفان الأقصى التي شنتها حركة حماس على إحدى مستوطنات غلاف غزة، ساعتها ارتج العالم كله وخاصة العالم العربي إذ كيف استطاعت حركة حماس في ساعة واحدة أن تحطم أسطورة الاستخبارات التي لا تخترق، وأين كان جيش الاحتلال ساعتها؟! كنا قبلها نظن أن القضية الفلسطينية انتهت وأن الحديث عن التطبيع هو القادم من جانب بعض الدول العربية، وهذا ما بدأ يتلاشى منذ ذلك التاريخ الذي أسس لتقويم جديد.
انقسمنا ساعتها بين مؤيد ومعارض لحماس فبين من يعتبرها حركة مقاومة تمثل بين قوسين “الإسلام”، وبين من اعتبرها ميليشيا إيرانية تسير بأمر الملالي، خاصة وأن إيران لها تاريخ طويل من الحروب مع الدول العربية إذ كانت قبلها لم توجه صاروخًا واحدًا إلى الكيان الصهيوني، فهي من التهمت خوزستان من العراقيين، وهي التي زرعت ميليشيات بدر الدين الحوثي في اليمن، وهي أيضًا من دعمت المليشيات الشيعية المتطرفة في سوريا، وغيرها.
ولكن كان الرد وقتها أن حماس تحارب العدو الصهيوني ويجب أن ننتصر لهويتنا الدينية، وكأن الحوثيين لم يعثوا في اليمن فسادًا أو ميليشيات الدعم السريع لم تقتل سودانيين وتغتصب سودانيات، أو الجولان السوري ليس محتلًا أيضًا من قِبل إسرائيل؟! وحينما ضُرِب لبنان الشقيق لم نسمع هذا الدعم، بل إن بعض الناس باركوا قتل إسرائيل لحسن نصر الله وقيادات حزب الله المؤسسين، ناسين أو متناسين أن حزب الله كان جبهة إسناد لحماس طَوال شهور العدوان على غزة.
والمضحك أن تركيا تمتلك تاريخًا رومانسيًا مع إسرائيل، أشهر محطات هذا التاريخ، الاستقبال الحار لـ أرييل شارون، المسؤول الأول عن مذبحة صبرا وشتيلا، من قِبل رجب طيب أردوغان، والعلاقات التجارية الرائعة بين البلدين، غير أننا نعلم جيدًا أن إردوغان قبل أن ينفذ احتلالا حقيقيا عليه أن يحتل عقول الشعوب العربية، إذ إن دعمه للإخوان وتيارات الإسلام السياسي، قد حرك مشاعر البسطاء والمغيبين الذين يؤمنون بفكرة الخلافة ونحو ذلك من الخرافات، غير ظهوره وهو يقرأ القرآن ويصلي في المساجد، كل هذا جعل أناس كثيرين يعتبرونه خليفة للمسلمين أو الرئيس المؤمن الورع!!
وبينما سوريا الشقيقة ضائعة بين نازية سياسية وفاشية دينية مدعومة من تركيا إحدى أذرع الناتو الذي ارتكب جرائم عدة في البوسنة والهرسك وصربيا وليبيا، فإن دمشق تنزف بسبب كليهما، إذ تحولت سوريا إلى منطقة تحارب فيها القوى العظمى بالوكالة فأمريكا تريد ضرب النفوذ الروسي لكي تضعف قدرات موسكو؛ لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا، ومن جهة أخرى فسوريا هي منفذ السلاح والعَتاد لحزب الله وحركات المقاومة في لبنان والعراق، ومن ناحية أخرى التوسع التركي في سوريا بحيث تلتهم أنقرة حلب وإدلب وغيرها من الأراضي السورية.
أما النظام السوري مع إقرارنا أنه أذاق السوريين الويلات وأهدر إنسانيته، فإننا مع ذلك لا نرضى أن تتحول سوريا لساحة ترتع فيها تركيا وأمريكا وتلعب فيها ميليشيات مدعوة من عدة جهات خارجية، ومع ذلك يعتقد الناس أنها حرب بين الحق والباطل أو الخير والشر، والحقيقة أن المواطن العربي هو الضحية والجاني هو الجهل.
الشاهد من حديثي، أن نفس الجهة التي دعمت حماس هي نفس الجهة التي دعمت بشار الأسد، وحماس كانت داعمة لحزب الله، ومع ذلك حزن الناس لاستشهاد هنية وفرح بعضهم باستشهاد نصر الله رغم أن القاتل واحد، والإخوان وداعميهم أيدوا تركيا، رغم أنها عضو في حلف شمال الأطلسي، ويكفي أن مستشار الأمن القومي الأمريكي بريجنسكي بارك دخول تركيا الناتو.
هذا وأرجو أن يعلم المواطن العربي أن الجهل هو أكبر عدو لـ الشرق الأوسط كله، فإذا أردت أن تهزم أي طاغية على حدِّ تعبير المفكر الإيراني الدكتور علي شريعتي، "فعليك بالقراءة، ثم القراءة ثم القراءة"، إذ يعد الفهم هو الحرية، والحرية هي السعادة.