الملكة القانونية.. دليل شامل للممارسين القانونيّين
أكثر المصطلحات استخدامًا في عالم القانون، هو بلا شك مصطلح الملكة القانونية، يستخدمه المحامون والقضاة والمستشارون القانونيّون، ليميّزوا به بين القانوني الكفء، الضليع، المتمكّن من أدواته، وبين غيره من أنصاف الموهوبين ومحدودي الكفايات، لكنّك إذا سألت من يستخدمون هذا المصطلح عن تعريف دقيق له، فإنّك على الأرجح، لن تحصل على إجابة دقيقة.
في كتابه الجديد الملكة القانونية، يحاول الدكتور أحمد حمدان، الإجابة عن هذا السؤال.
يعرّف حمدان المَلَكَة بأنّها صفات جامعة تقوم على مجموعة من الاستعدادات والقدرات والمهارات والمُمَكِّنات اللازمة للمُمارس القانونيّ في سبيل التعامل مع النصوص القانونيَّة، والوقائع القضائيّة، وأطراف الدعاوى، بكفاءة مهنيَّة، وعُمقٍ إنسانيٍّ، ورُقيٍّ أخلاقي، بما يستلزمه ذلك من قدراتٍ لغويَّة، ومنطقيَّة، ونفسيَّة، واجتماعيَّة، ومسلكيّة.
حتّى تكتمل منظومة الملكة القانونية، عايش المؤلّف لسنوات طويلة، كتابات فنّ القضاء، ودراسات صنعة المحاماة، وبحوث مهارات الوساطة والتفاوض والتحكيم، وطروحات علوم النفس والاجتماع، ومجلّدات المنطق ومناهج التفكير، وموسوعات اللغة شعرًا ونثرًا، أدبًا ونقدًا، صرفًا وبديعًا، ليخرج منها بهذا الكتاب الذي يصدر عن إيمانٍ عميقٍ بالروح الجامعة المتكاملة للمَلَكة القانونيّة، تحتشد فصولها وحلقاتها، لتدب فيها الحياة، كأنّها رفيق القانوني في رحلته، يسعفه إذا نطق، ويلهمه إذا كتب، ويسدّده إذا بحث أو فكّر أو اجتهد.
إنّ جميع حلقات هذا الكتاب ممّا ينبغي لأيّ مختصٍّ في الحقل القانوني الإلمام به، والتشبُّع بفكرته، وامتلاك ناصيته، قاضيًا كان أم محاميًا مُوَكّلًا، أم حَكَمًا مُعيّنًا، أم وسيطًا مُختارًا، أم مستشارًا مُفتِيًا، أم فقيهًا مُفَسِّرًا، أم صائغًا مُشتَرِعًا، أمَّن هو سواهم من سكّان عالم القانون الزاخر الرحيب، أيًّا كان موقع القارئ في هذا العالم، فإنّ الكتاب يدعوه إلى تأمّل الحلقات الخمسين التي تشتمل عليها المَلَكَة، ومراجعة مدى إتقانه لكلٍّ منها، وحساب ما حصل عليه من درجات، مانحًا كلّ حلقةٍ درجة، ثم مساءلة نفسه: كم درجةً لديّ؟
ويبدو أنّ هذا الكتاب قد وُضِعَ ليكون مقدّمة تُؤسّس لرحلة تعليميّة تأهيليّة شاملة، يأمل الكاتب فيها أن يعبُر بالشخصيّة القانونية العربية إلى عهدٍ جديد، لتصل بالممارس القانوني العربي إلى آفاق جديدة، تعصمه من ركاكة الأسلوب، وفساد الحجة، وتهافت المسلك.
واستند هذا الكتاب في إعداده إلى خبرات الكاتب المباشرة، وتجارب أساتذته من شيوخ القضاء والمحاماة في مصر والمملكة المتّحدة والولايات المتّحدة وغيرها من البلدان والأنظمة القانونيّة، لكنّه ربط ما استقاه من تجارب، وأسّس له، ووثّقه، بما أصدرته المكتبات، منذ أرسطو إلى يومنا هذا، من أبحاث في العلوم القانونيّة، ونصوص تنظيم مِهَن القضاء والمحاماة والتحكيم والوساطة، ومتون الكتابات الشرعيّة المعنيّة بتنظيم العمل القضائي، ودراسات العلوم الإنسانيّة ذات الصلة بالقانون بحسبانه علمًا اجتماعيًّا في المقام الأوّل، لذلك فإنّ مصادر هذا الكتاب ومراجعه جاءت متباينة المشارب، تجمع أخلاطًا من علومٍ شتّى، ويبدو أن هذا التنوّع العريض جزء من الطبيعة الجامعة للملَكة القانونيّة.
والمؤلّف، قاضٍ بمحكمة الاستئناف، درسَ ماجستير العلوم القانونية بجامعة لندن، والدكتوراه في علوم تسوية المنازعات بجامعة ستراثكلايد بجلاسجو، له خبرة في العمل القضائي، والبحث القانوني، وصياغة التشريعات، وتأهيل القضاة والمحامين والوسطاء، لأكثر من عشرين عامًا. أصدر عديدًا من الكتب والبحوث والمقالات، والملَكة القانونية، هو كتابه الخامس.