هل يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم؟.. رد رسمي من الإفتاء والأزهر
هل يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم، سؤال يدور في أذهان ملايين المسلمين في نفس التوقيت من كل عام، وذلك قبيل موعد عيد الميلاد المجيد، وهو من الأعياد المسيحية التي يحتفل فيها الأقباط بميلاد المسيح، فما حكم التهنئة بأعيادهم؟ سواء عيد الميلاد أو عيد القيامة، أو حتى تهنئة الزواج وباقي المناسبات المتعلقة بهم، هو ما نوضحه لكم في هذا التقرير عبر القاهرة 24، من خلال رد دار الإفتاء المصرية، والأزهر الشريف.
هل يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم
يتساءل المسلمون هل يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم، وذلك بالتزامن مع بدء العد التنازلي لاحتفالات رأس السنة وعيد الميلاد المجيد أو كما يطلق عليه الكريسماس، وبهذه المناسبات تبدو مظاهر الاحتفالات واضحة في كل مكان، ما يدعو المسلمون إلى معرفة حكم تهنئة النصارى، وهو ما نوضحه برد الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والذي رد على سؤال إحدى الفتيات، هل يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم؟ قائلا: أن شيوع الحب والتهنئة والمجاملات من شأنه أن يُعلي من قدر المسلمين.
وأضاف علي جمعة خلال إحدى حلقات برنامجه الرمضاني نور الدين، أن هناك من يرغب في إحداث الصدام بين المسلمين والمسيحيين، ولا ينبغي إعطائهم الفرصة، لأن النصارى جيران لنا منذ 1500 سنة تقريبا، ولذلك ينبغي تعديل المفهوم الخاطئ المتعلق بعدم جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم وإبعاده عن البدع.
هل يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم دار الإفتاء
ومن جانبها أوضحت دار الإفتاء المصرية في فتوى سابقة لها على صفحتها الرسمية، إجابة سؤال هل يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم؟ وقالت: لا مانع شرعًا من تهنئة غير المسلمين في أعيادهم ومناسباتهم، وليس في ذلك خروج عن الدين كما يدَّعي بعض المتشددين غير العارفين بتكامل النصوص الشرعية ومراعاة سياقاتها وأنها كالجملة الواحدة.
واستشهدت دار الإفتاء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قَبِلَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الهدية من غير المسلمين، وزار مرضاهم، وعاملهم، واستعان بهم في سلمه وحربه حيث لم يرَ منهم كيدًا، كل ذلك في ضوء تسامح المسلمين مع مخالفيهم في الاعتقاد، ولم يفرق المولى عز وجل بين من المسلم وغير المسلم في المجاملة وإلقاء التحية وردها؛ قال تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء: 86]، والتهنئة في الأعياد والمناسبات ما هي إلا نوع من التحية.
وأضافت دار الإفتاء، أما ما استشهد به هؤلاء من قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ [الفرقان: 72] على عدم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم من نصارى ويهود: فإنما هي نظرة قاصرة للنص القرآني؛ حيث لم يرد ذلك صريحًا في الآية، بل هو اجتهاد في تفسيرها، وقد نقل فيه عدة آراء، فما بالهم يأخذون منها ما يوافق أهواءهم ويكفرون بغيرها، وأما دعوى التشبه والموافقة على شعائر غير المسلمين: فالمنهي عنه شرعًا التشبه والموافقة في الأفعال والاعتقادات التي نهى الإسلام عنها أو خالفت شيئًا من ثوابته.
وأجابت دار الإفتاء على سؤال ما حكم التهنئة بأعياد رأس السنة الميلادية؟ وقالت في فتوى أخرى بتاريخ 24 يناير 2022، أن تهنئة إخواننا في الوطن بأعياد رأس السنة الميلادية ومبادلتهم الفرحة لا حرج فيها شرعًا؛ لأن في تهنئتهم اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ حيث عاش في نسيج مجتمعي مختلف الديانات حياة اجتماعية قوية امتزجت فيها مظاهر الإحسان والتعاون ومشاعر البر والمواساة وحسن الصلة.
حكم تهنئة النصارى بأعيادهم الأزهر
ولمزيد من التوضيح بشأن حكم تهنئة النصارى بأعيادهم، فقد أجاب الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، على سؤال هل يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم؟ مستدلا بالآية الكريمة " لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" سورة الممتحنة، مؤكدا أن العلماء استخرجوا من وحي هذه الآية جواز صدقة المسلم شرعا لغير المسلم من المسيحيين أو اليهود، وكذلك زكاة افطر والكفارات والوصية والوقف.
وأضاف الإمام الأكبر خلال حديث سابق له في إحدى حلقات برنامجه المذاع على قناة الحياة، أن القرآن أباح للمسلم أن يتخذ زوجة له مسيحية أو يهودية، تبقى على دينها مع زوجها المسلم، ويكون بينهما ما يكون بين الزوج والزوجة من المودة والرحمة والاحترام والعيش الجميل المشترك، فكيف يبيح القرآن والشريعة الإسلامية كل ذلك، ثم يقال له احذر من تهنئة زوجتك في أعياد ميلادها أو عيد ميلاد المسيح.
كما أوضحت الصفحة الرسمية لـ مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بموقع فيس بوك، حكم تهنئة النصارى بأعيادهم في منشور سابق لها قالت فيه: تهنئة المسيحيين بأعيادهم جائزة، فهي تندرج تحت باب الإحسان إليهم والبر بهم، كما أنها تدخل في باب لين الكلام وحسن الخطاب، وجميع هذه الأمور أمرنا الله عز وجل بها مع الناس جميعًا دون تفرقة، خاصة مع أهل الكتاب الذين هم شركاء الوطن وإخوة الإنسانية، ومما يدل على جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم قوله تعالى في سورة البقرة: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا»؛ كما أن هذه التهنئة تُعد من قبيل العدل معهم والإحسان إليهم، وهو ما أمرنا به المولى عز وجل في سورة النحل: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ».