موقف الفصائل في غزة ومستقبل الحرب بعيون وقحة
منذ اندلاع الصراع الحالي بين إسرائيل وحركة حماس، تبرز معطيات ميدانية تشير إلى توازن متقلب بين الجانبين، ففي الوقت الذي تتزايد فيه العمليات العسكرية الإسرائيلية، تتحدث تقديرات الجيش الإسرائيلي عن قدرة حماس على تعويض خسائرها البشرية بسرعة، مما يعيد تسليط الضوء على مدى استمرارية هذا الصراع وتأثيره على مستقبل المنطقة.
وَفقًا لبيانات عسكرية إسرائيلية، لا تزال حركة حماس تمتلك قوة بشرية كبيرة، إذ يتراوح عدد مسلحيها ما بين 20 إلى 23 ألفًا من مختلف التنظيمات المسلحة داخل القطاع، اللافت أن هذه التقديرات تُظهر وجود 9 آلاف مسلح منظم في حماس موزعين بالتساوي بين شمال وجنوب غزة، بالإضافة إلى ما بين 7 إلى 10 آلاف عنصر آخرين غير منظمين، ولكنهم منتشرون في مختلف أنحاء القطاع.
تشير هذه الأرقام إلى تحدٍ كبير تواجهه إسرائيل، إذ إن معدل التجنيد داخل حماس يفوق أعداد الذين يتم القضاء عليهم أو أسرهم، ورغم العمليات المكثفة، يبدو أن الحركة نجحت في الحفاظ على توازنها الداخلي، ما يطرح تساؤلات ملحة حول جدوى الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في تحقيق أهدافها بعيدة المدى.
تعكس هذه المعطيات صورة معقدة حول مستقبل الحرب في غزة، استمرار حماس في التجنيد يعكس قدرة التنظيم على الصمود، وهو ما قد يدفع إسرائيل إلى تصعيد عملياتها بشكل أكبر في محاولة لاستنزاف موارد الحركة، ولكن إذا استمر الصراع دون تحقيق تقدم حاسم لأي من الطرفين، قد يتحول إلى حالة من الاستنزاف طويلة الأمد التي ستضاعف معاناة السكان المدنيين.
على الجانب الآخر، يبدو أن الضغوط الدولية مرشحة للعب دور حاسم، مع تزايد حدة الأزمة الإنسانية في غزة، قد تجد القوى الدولية والإقليمية نفسها مضطرة للتدخل بوساطة لفرض وقف إطلاق نار مشروط، هذه الوساطات قد تؤدي إلى تهدئة مؤقتة، لكنها قد لا تضمن معالجة الأسباب الجذرية للصراع، مما يعني أن خطر تجدده سيظل قائمًا.
في ظل هذه المعطيات، يمكن القول إن مستقبل الصراع بين إسرائيل وحماس مرهون بعدة عوامل أساسية، أبرزها قدرة حماس على الصمود والتجنيد، ومدى استعداد إسرائيل للمضي قدمًا في حملتها العسكرية، بالإضافة إلى تأثير المجتمع الدولي في فرض حلول دبلوماسية، وحتى الآن، يبدو أن الطريق نحو السلام ما زال بعيدًا، بينما يتجه الطرفان نحو مرحلة أكثر تعقيدًا من الصراع.
يشير الوضع الحالي إلى أن غزة قد تبقى ساحة مفتوحة لتجاذبات عسكرية وسياسية طويلة الأمد، حيث تتشابك الطموحات الإقليمية مع المعاناة الإنسانية، مما يجعل من الصعب التنبؤ بنهاية وشيكة لهذه المأساة.