تفسير وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما.. الدرس المستفاد من هذه الآية الكريمة

يبحث العديد من المسلمين عن تفسير وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، وهي الآية الكريمة رقم 63 من سورة الفرقان، يقول فيها الله عز وجل "وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا"، وقد ذُكر معنى هذه الآية الكريمة في تفسير السعدي، وتفسير ابن كثير، والتفسير الميسر، وهو ما نوضحه لكم في هذا التقرير عبر القاهرة 24، من منطلق فضل تدبر القرآن، فالتفكر في معاني ألفاظه كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم.

تفسير وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما 

قبل التطرق إلى تفسير وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، نذكركم بحديث صحيح عن حذيفة رضي الله عنه قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقرأها، ثم النساء فقرأها، ثم آل عمران فقرأها، يقرأ مسترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ" ويتبين من هذا الحديث أهمية تلاوة القرآن بتدبر وتفكر في معانيه، وقد أخرج البخاري، أنه صلى الله عليه وسلم قال: "يا أهل الكتاب لا تتوسدوا القرآن، واتلوه حق تلاوته آناء الليل والنهار، وأفشوه، وتدبروا ما فيه لعلكم تفلحون."

وأما تفسير وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، فهي الآية الكريمة 63 من سورة الفرقان، وسورة الفرقان من السور المكية، عدا الآيات 68: 70 فمدنية، وعدد آيات سورة الفرقان 77 آية، وترتيبها في ترتيب المصحف، السورة رقم 25، وقد سميت بالفرقان، لورود لفظ الفرقان فيها 3 مرات في أولها وأوسطها وآخرها، كما قيل سميت بالفرقان، لأن الله تعالى ذكر في بدايتها الكتاب المجيد الذي أنزله على رسوله، فكان نعمة البشر الكبرى، كما أن الله فرق به بين الحق والباطل والكُفر والإيمان، فاستحق أن يُطلق عليه فرقانا.

وقد جاء في التفسير الميسر، تفسير وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، أي أن عباد الرحمن الصالحون يمشون على الأرض بسكينة متواضعين، وإذا خاطبهم الجهلة السفهاء بالأذى أجابوهم بالمعروف من القول، وخاطبوهم خطابًا يَسْلَمون فيه من الإثم، ومن مقابلة الجاهل بجهله، وفي تفسير البغوي، فإن عباد الرحمن، هم أفاضل العباد، وقد أضيف الرحمن إلى العباد للتخصيص والتفضيل، وهم يمشون على الأرض هونا، أي بتواضع ووقار غير متكبرين ولا مرحين، وقيل أيضا هونا بمعنى اللين والرفق، وإذا خاطبهم الجاهلون بما يكرهون، وفقهم الله إلى السداد من القول.

وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما تفسير السعدي

وأما تفسير وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، وفقا للسعدي رحمه الله، فقد أوضح فيه أن العبودية لله نوعان، عبودية لربوبيته فهذه يشترك فيها سائر الخلق مسلمهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، فكلهم عبيد لله "إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا".

والنوع الثاني عبودية لألوهيته وعبادته ورحمته وهي عبودية أنبيائه وأوليائه وهي المراد في هذه الآية الكريمة ولهذا أضافها الله عز وجل إلى اسمه "الرحمن" إشارة إلى أنهم إنما وصلوا إلى هذه الحال بسبب رحمته، فذكر أن صفاتهم أكمل الصفات ونعوتهم أفضل النعوت، فوصفهم بأنهم {يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} أي ساكنين متواضعين لله والخلق فهذا وصف لهم بالوقار والسكينة والتواضع لله ولعباده.

{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ} أي: خطاب جهل بدليل إضافة الفعل وإسناده لهذا الوصف، {قَالُوا سَلَامًا} أي خاطبوهم خطابا يسلمون فيه من الإثم ويسلمون من مقابلة الجاهل بجهله، وهذا مدح لهم، بالحلم الكثير ومقابلة المسيء بالإحسان والعفو عن الجاهل ورزانة العقل الذي أوصلهم إلى هذه الحال، وهي من الآيات الكريمة التي تستحق التدبر والتأمل في معناها، والدرس المستفاد من هذه الآية هو التعامل مع السفهاء والجهلاء بالعفو والصفح وقول الخير، وكذلك التأكيد على صفة الحِلم التي تجعل المسلم متقبِلًا لما يسمعه دون أن ينفعل أو أن ينجر لجهل الجهلة.