أصيب زوجها بسرطان الرئة.. قصة كفاح الأم المثالية الثانية على مستوى الجمهورية بأسوان

أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي عن الأم المثالية الثانية على مستوى الجمهورية، وهي منى نجار سليمان جودة من محافظة أسوان، وهي نموذج حقيقي للكفاح والتضحية. ولدت في أسرة بسيطة، وكانت متفوقة دراسيًا، لكن وفاة والدتها غيرت مجرى حياتها، حيث اضطرت إلى تولي مسؤولية والدها وأخواتها وعمتها المسنَّة التي كانت تعيش معهم.
ورغم طموحها في استكمال تعليمها، التحقت بالثانوي التجاري لتتمكن من التوفيق بين دراستها ورعاية أسرتها، وساعدت أخواتها في تعليمهن ومذاكرة دروسهن.
تزوجت عام 1987 وهي في الثامنة عشرة من عمرها، وبعد عامين سافر زوجها للعمل بالخارج، تاركًا إياها مع طفلين وحاملًا بالطفل الثالث. لم يكن أمامها سوى العودة إلى منزل والدها مرة أخرى، لتبدأ معاناة جديدة بين تربية أطفالها وخدمة ورعاية والدها وأخواتها.
وبعد سنوات، عاد الزوج من السفر، فعادت إلى منزل الزوجية لكنها لم تتخلَّ عن والدها، فأخذته معها لتواصل رعايته، وأنجبت طفلين آخرين.
وسط كل هذه المسؤوليات، حصلت على فرصة تعيين في وظيفة حكومية وهي في التاسعة والثلاثين من عمرها.
كانت تذهب إلى العمل صباحًا، ثم تعود لرعاية أسرتها، ولم تتوقف طموحاتها عند هذا الحد، بل قررت استكمال تعليمها لتحقيق حلمها القديم.
التحقت بكلية الحقوق بالجامعة المفتوحة، وظلت تدرس أيام الإجازة، يومي الجمعة والسبت، حتى حصلت على ليسانس الحقوق، لتثبت أن الطموح لا عمر له.
لكن القدر كان يحمل لها اختبارًا آخر، إذ أصيب زوجها بسرطان الرئة، وظلت ترافقه في رحلات العلاج إلى محافظات مختلفة لمدة عام كامل حتى وافته المنية عام 2012، تاركًا لها خمسة أبناء في مراحل تعليمية مختلفة بين الابتدائي والإعدادي والثانوي والجامعة.
لم تستسلم الأم رغم الألم، بل واصلت كفاحها، فاجتهدت في عملها، وأقامت مشروعًا صغيرًا بجوار منزلها، وهو سوبر ماركت، لمواجهة أعباء الحياة وتوفير احتياجات أبنائها.
وضعت منى هدفًا واضحًا أمامها: أن يكمل أبناؤها تعليمهم ويحصلوا على أعلى الشهادات مهما كلفها ذلك من جهد وتعب.
وبالفعل، نجحت في تحقيق حلمها، حيث حصل ابنها الأول على بكالوريوس التجارة وتزوج، والابن الثاني حصل على بكالوريوس الهندسة وتزوج أيضًا، أما الابنة الثالثة فقد حصلت على بكالوريوس التربية وماجستير وأصبحت مدرسًا مساعدًا في الكلية وتم تزويجها، بينما الابنة الرابعة تدرس في الفرقة الرابعة في كلية الطب، والابن الخامس في الفرقة الثالثة بكلية الصيدلة.
ورغم كل ما حققته، ما زال عطاؤها مستمرًا، تساند أبناءها حتى يُكملوا دراستهم ويصلوا إلى بر الأمان، لتظل قصة كفاحها درسًا في الصبر والقوة والتضحية.