اتفاقية منطقة التجارة الحرة.. ورؤية مصر لتحقيق التكامل الاقتصادي في إفريقيا
لاشك أن القارة الإفريقية أصبحت تمثل محوراً هاما فى مستقبل الاقتصاد العالمي، فى إطار التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي والتى تتطلب مواصلة تعزيز التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص فى إفريقيا، ولعل ذلك يتفق مع رؤيه مصر لتحقيق التنميه الاقتصادية الحقيقية والمستدامة لإفريقيا فى إطار رؤيه مصر للتنمية المستدامة 2063، وهو مايعكس النقلة النوعية لرؤيه مصر للدول الإفريقية باعتبارها العمق الاقتصادي الذي يحتاج إلي جهود كبيرة لدفعها إلي تحقيق نهضه اقتصادية حقيقية.
ولعل الحديث حول مدى قدره مصر على تحقيق التكامل الاقتصادي لافريقيا وانشاء منطقه قاريه للتجاره الحره بين دول القارة لم تأت من فراغ، بالنظر إلي التحركات التي تشهدها مصر لتقوية العلاقات مع الدول سواء على المستوي الحكومي والرسمي أو على مستوي القطاع الخاص في الفترة الأخيرة، حيث استضافت مصر فعاليات اقتصادية افريقية إقليمية مختلفة كان آخرها المعرض الأفريقي الأول للتجارة البينية الذي تستضيفه مصر حاليا بحضور 54 من وزراء التجارة الأفارقة برئاسة المهندس مصطفي مدبولي رئيس الوزراء، والذي أعلن خلال افتتاح فعالياته سعي الحكومة المصرية لمضاعفة حجم التجارة البينية مع الدول الإفريقية ليصل إلي 10 مليارات دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
كما تأتي الجهود المصرية لتدعيم قواعد التكامل الاقتصادي بين الدول الإفريقية بالتزامن مع الخطط الطموحة التي تتبناها الدولة حاليا من أجل الاستفادة من الموقع الجغرافي لمصر باعتباره بوابة عبور التجارة والاستثمارات إلي القارة الإفريقية، وهو ما تعكسه مشروعات رفع كفاءة الموانئ المصرية في نطاق مشروع تنمية محور قناة السويس لنقل التجارة إلي دول القارة بالإضافة إلي مشروع المنطقة الاقتصادية الروسية الذي يتطلع الروس بأن يكون بوابة عبور الصناعات والمنتجات الروسية إلي الدول الإفريقية، خاصة في وجود اتفاقيات التجارة التفضيلية التي وقعتها مصر مع دول القارة مثل الكوميسا والتي تعطي إعفاءات جمركية للمنتجات المصرية.
ومن المتوقع أن تشهد العلاقات التجارية المصرية الإفريقية نقلة نوعية جديدة، مع اقتراب إنفاذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية والذي وقعت عليه حتى الآن 49 دولة إفريقية وينتظر تصديق البرلمان المصري عليه، حيث يسهم إنفاذ هذا الاتفاق في تنمية حركة التجارة البينية الإفريقية وتحقيق معدلات أعلي للنمو الاقتصادي الإفريقي بعد إزالة العوائق الجمركية، بالإضافة إلي تسهيل حركة عوامل الإنتاج. بالإضافة إلى التوجه نحو أقامه سوق إفريقية موحدة، قائمة على حرية التجارة دون عوائق جمركية أو فنية، ولكن حرية الحركة للأفراد ومدخلات الإنتاج يتطلب مزيداً من التكاتف والعمل من كافة الدول الإفريقية للتغلب على التحديات التي تحول دون ذلك ومنها تنمية البنية التحتية المرتبطة بالنقل، والتكنولوجيا، والخدمات المالية والتي تمثل أحد أهم الأسس لزيادة حجم التبادل التجاري بين دول القارة، ومن ثم مضاعفة حصة التجارة البينية الإفريقية لتصل إلى 22٪ من إجمالي التجارة الأفريقية بحلول عام 2022