أهم الطُرق الطبيعية لمواجهة الحر دون استخدام مكيفات الهواء.. تعرف عليها
حينما تري سطح أكاديمية كاليفورنيا للعلوم بمدينة “سان فرانسيسكو”، وقد يخيّل إليك للوهلة الأولي أنك في قرية الأقزام بتلالها الخضراء وأبوابها الصغيرة المستديرة، ولكن الفارق أن هذه الأبواب مصنوعة من الزجاج، وتدعمها مجموعة من الأذرع الفولاذية الميكانيكية الضخمة التي تُبقي بعض النوافذ مواربة.
وأوضح مبني أكاديمية “كاليفورنيا” للعلوم، واحدا من أكبر المباني في الولايات المتحدة التي تكاد تعتمد كليا علي حيل طبيعية للتبريد حتي في أوج فصل الصيف، ويعد هذا السطح الأخضر المتموج واحدا من التصميمات والتقنيات المعمارية التي تساعد علي تهوية المباني بطريقة طبيعية.
ويسعي المهندسون المعماريون والمصممون لاستخدام أساليب وتقنيات جديدة في تصميم المباني، لتهويتها بطرق طبيعية دون استخدام مكيفات الهواء، وقد زادت أهمية ذلك في الآونة الأخيرة في ظل الارتفاع الشديد في درجات الحرارة المسجلة عالميا، ومن المتوقع أن يزداد عدد أجهزة التكييف في العالم بمقدار ثلاثة أضعاف بحلول عام 2050، للتعامل مع موجات الحر التي أصبحت أكثر توترا جراء تغير المناخ.
ولكن المشكلة أن أجهزة التكييف لا تستهلك كميات هائلة من الكهرباء فحسب، وأيضا تحتوي علي مواد مبادرة تعد من الغازات التي تسيب الاحتباس الحراري، وقد غدت هذه المواد أسرت مصدر انبغاثات الغازات الدفئية انتشاراً في العالم.
واستخدام تقنيات معمارية للحفاظ علي برودة المباني دون استهلاك الطاقة، وتساهم القباب الخضراء علي سطح الأكاديمية في التدفق الطبيعي للهواء داخل المبني، وإذا صممت هذه التلال بحيث يعمل الضغط المنخفض في أحد جوانبها علي سحب الهواء، وعند هبرب الرياح، وإلي داخل المبني عبر نوافذ السطح التي يتُكم فيها آليا، وتساعد النباتات التي تغطي سطح المبني في تخفيض زرجات الحرارة داخل المبني.
وأضاف “أليسدير ماكغريغور”، رئيس قسم الهندسة الميكانيكية بشركة “أراب” للهندسة الذي شارك في تصميم المبني، قائلاً:”لقد عزمنا منذ البداية علي الاستغناء إلي أقصي حد عن أجهزة التكييف”.
معدات ساخنة
وأضاف أن هذه الطريقة علي الرغم من أنها لا تصلح تصلح لجميع المباني، ولتعذر فتح النوافذ علي سبيل المثال، أو لوجود الكثير من المعدات الساخنة في الداخل، وكما في المستشفيات، وإلا أنها نجحت في تقليل الاعتماد علي أجهزة التكييف إلي الحد الأدني.
وتساعد عملية تبخر الناء في تغير درجات حرارة الجو، وتسمي هذه الطريقه بالتبريد التبخيري التي تعد من أبسط طرق التبريد السلبي، وإذا يستمد الماء الطاقة اللازمة للتحول من سائل إلب بخار من الهواء في صورة حرارة، وثمة أمثلة عديدة علي ظاهرة التيريد التبخيري، وإذا يساعدتبخر الماء في تبريد الأسطح، مثل الجلد عند التعرق.
وهناك في بعض أقاليم إسبانيا يُختزن الماء أو الخمر في أوانٍ فخارية، وتعتمد علي أساليب التبريد الطبيعي بواسطة التبخير، وإذ يساعد تبخر كميات ضئيله من المشروب المختزن في هذه الأواني عبر جدرانها المسامية في الحفاظ علي برودة السائل داخلها حتي في الجو الحار.
وقد استخدمت تقنيات التبريد بواسطة التبخير في المباني في عهد الفراعنة والرومان، ولكن أوضح مثال علي تقنيات التبريد بالتبخير في المباني هو المشربية التي شاعت في العمارة العربية، وإذ لم تكن المشربية تظلل الغرف فحسب، وبل كانت الجرار الفخارية المملوءة بالمياه توضع بجوارها، وعندما يتدفق الهواء عبر المشربية، وفوق الجرار الفخارية يساعد في تلطيف الجو داخل الغرفة.
جوف الأرض:
إذا استمرت درجات الحرارة العالمية في الارتفاع، وقد يجدر بسكان المناطق الشمالية من العالم التعلم من تصاميم المباني القديمة والحديثة، وفي الجنوب للتعامل مع درجات الحرارة فائقة الارتفاع. ويقول “مانيت راستوغي”، والذي شارك في تأسيس شركة “مورفوجنيسيس” للتصميم المعناري في الهند: “إن الجزء الجنوبي من العالم كان دوماً حاراً”، ودأب سكانه علي استخدام تقنيات التبريد الطبيعي منذ آلاف السنين.
وفي مدينة “جايبور بولاية راجاستان” شمالي الهند علي سبيل المثال، تتجاوز درجات الحرارة نهاراً في المعتاد 40 درجة مئوية في أشهر الصيف، ولكن درجة الحرارة علي عمق بضعة أمتار من سطح الأرض في المنطقة لا تتعدي 25 درجة مئوية، حتي في حر الصيف القائظ.
وأضاف راستوغي، إن الحل في هذه الحالة هو الحفر، وقد استوحي راستوغي، الذي صمم أكاديمية “بيرل” للأزياء في جايبور، وتصميم بركة المياه في صحن الأكاديمية المظلل من الآبار المدرجة التقليدية في الهند، وإذا شيدت درجات حجرية رمادية ضخمة تؤدي إلي بركة من مياه الأمطار، ومياه الصرف المعالجة من المبني، وتمتص بركة المياه التي تستمد برودتها من دوجات الحرارة المنخفضة في خوف الأرض حتي تسهم في تلطيف الجو.
وتستخدم أيضاً هذه الأنظمة في التدفئة في الشتاء، ولكنها أكثر شيوعاً في التبريد، ولا سيما في المدن الشمالية في الصين في فصل الصيف، واستخدمت في مبني أكاديمية بيرل حيل أخري لتنخفض درجات الحرارة، إذ صُمم المبني علي شكل مستطيل من الخارج لزيادة المساحة الداخلية علي حساب المساحة الخارجية للسطح، ولأن لكل متر مربع معرض للشمس يمتص الحرارة، وأُحيط المبني بأكمله بغلاف من الحجارة المثقوبة علي بعد أربعة أقدام من الجدران الخارجية ليساعد في تظليل المبني وحجب الحرارة، وقد نجحت هذه الحيل المعمارية في الحفاظ علي درجة حرارة المبني من الداخل 29 درجة مئوية حتي في الاشهر الاشد حرارة التي تفوق فيها درجات الحرارة 40 درجة مئوية.